![]() |
مروة رمضان |
مروة رمضان *
(مسابقة طرق تعزيز التسامح والتعايش في المجتمعات العربية)
منذ عقود طويلة ومازالت مجتمعاتنا العربية تحمل ميراثاً ثقيلاً من الأفكار العدائية ضد الإنسانية وعدم احترام الآخر، وأشكالاً مختلفة من التمييز والمغالاة الدينية التي نبذتها كل الرسائل السماوية، فالأديان جميعاً أتت لتعلي من قيم التسامح والتعايش، فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، فالأصل في الأديان هو التقوى والتراحم والعفو عند المقدرة والتسامح، وغيرها من القيم الإيجابية التي حثت عليها كل الرسائل السماوية.
أما عن حالنا اليوم، فقد عانينا في بعض مجتمعاتنا، وما زلنا نعاني من الأفكار التي تشق وحدة المجتمعات، فأصبحت تلك المجتمعات على شكل طوائف وملل وأحزاب ومذاهب، وانقسامات داخلية، أدت بمجتمعاتنا العربية إلى الشتات والانحدار الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي، فإذا أردنا أن نعبر من حالة الركود إلى اليقظة والتقدم والسير في ركاب الدول المتقدمة، يجب أن نحارب وبقوة كل أشكال الكراهية وعدم قبول الآخر.
لذلك بات من الضرورة أن تستبدل تلك الأفكار المغلوطة بأخرى تجعل من قيم التسامح وتقبل الآخر واقعاً من دون النظر إلي ديانته أو لونه أو معتقداته، وذلك من خلال ميثاق جديد يحمي ثقافة التعددية والتعايش في المجتمع، وأن يطبق ذلك الميثاق في كل مؤسسات المجتمع، سواء التعليمية أو الثقافية والمهنية وغيرها من المؤسسات والهيئات، وأن تحوي بنود ذلك الميثاق على احترام الآخر وثقافته ومعتقداته وآرائه، وأن كل من يخرج عن هذا الميثاق يعرض نفسه لخطر خسارة جهة عمله أو مستقبله العلمي والعملي.
الدمج المجتمعي من أهم النقاط التي يجب أن ينظر إليها في هذا الميثاق، فكل من تأثر بأفكار عدائية ضد المجتمع طالما لم يخرج عن القانون، شخص يجب أن يمنح فرصة أخرى كي يقوم تلك الأفكار السوداء التي تهدم المجتمع وتزلزل أركان الوحدة والتماسك بين أبنائه، فالعلاج بالدمج والانخراط المجتمعي هو أهم الطرق للخروج من حالة الاضطراب المجتمعي وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ينبغي أن تحتوي بنود ذلك الميثاق تعزيز الأفكار الإيجابية وتكريم أصحابها، فنحن في أمسّ الحاجة إلى نشر الإيجابيات ودعمها، فالعلم والأخلاق هما حائط الصد أمام كل محاولات هدم المجتمعات، فنحن هنا لعمارة الأرض لا هدمها، فالتعايش والتسامح هما الملاذ الآمن لتقدم المجتمع.
* ماجستير في العمل الاجتماعي، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق