![]() |
محمود خليف |
محمود خليف *
(مسابقة طرق تعزيز التسامح والتعايش في المجتمعات العربية)
يعدّ التسامح مرحلة تمهيدية للتعايش في أيِّ مجتمع، لأنَّ التسامح يجسِّد بشكل فعلي: قبول الآخر، والتعامل معه، والانفتاح عليه، لتأسيس شراكة وطنية بعيدة عن الانتماءات الضيقة.
تراث التسامح في المجتمعات العربية
بالرغم من حالة التشظي المجتمعي في أغلب بلداننا العربية، وابتلائِها بالاصطفافات الضيقة التي لا جدوى منها سوى المزيد من العنف والدمار، إلا أنَّنا بالعودة إلى التراث سنجد مخزوناً إيجابيَّاً كبيراً من موروث التسامح (الديني، والعرقي، والفكري) وهذا ما يعوَّل عليه، بشرط أن تكون قراءة التراث قراءة تنويرية واعية، الهدف منها نبذ العنف والتركيز على المساحات المشتركة التي تجمعنا مع الآخر وتبتعد بنا عن الخطاب الإقصائي.
إنَّ التسامح ضرورة حياتية ملحَّة للمجتمع، فضلاً عن كونه ضرورة نهضوية، فلا ثقة بين مكونات المجتمع من دون وجود التسامح الذي يؤسِّس للأمان والتعايش والاستقرار والتنمية.
كيف نعزِّز فكر التسامح والتعايش في المجتمعات العربية؟
الجواب:
1- برفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية التسامح ومدى ضرورته، وتأصيل ثقافة (التسامح وقبول الآخر) عبر المؤسسات الرسمية، ومنظمات المجتمع المدني، والندوات والإعلام الهادف، والمناهج التعليمية والأكاديمية.
2- بدعم منظمات المجتمع المدني، وتعزيز دورها المهم والضروري ضمن المجتمع، في الإرشاد والتأهيل والتدريب.
3- بالتفعيل الحقيقي لدور المرأة في المشاركة المجتمعية والثقافية والسياسية، ضمن إطار شامل مدروس، ينبثق عن المجتمع ويخدم المجتمع المتطلِّع إلى مستقبلٍ يعيش التسامح ثقافةً وممارسةً، ويدعم العدالة الاجتماعية ويصحِّح الكثير من الأخطاء المتراكمة بفعل النظرة النمطية المحيطة بدور المرأة.
4- باستحضار المخزون الإيجابي في التراث العربي (الفصيح والشعبي)، ولا يكون ذلك على سبيل الرفاهية الفكرية أو الثقافية وإنَّما للأهمية الكبيرة في إعادة طرح الوعي المجتمعي الذي أنتج هذا التراث، ذاك الوعي الذي أدَّى دوراً محورياً في التماسك المجتمعي لفترات تاريخية طويلة تمازجت فيها الثقافات من جميع أطياف المجتمع.
مثال على ذلك: التراث الشعبي العربي ــ الذي كان ومازال خميرةَ فنونِ المجتمع المحب للحياة ــ استطاع بشكل عفوي جميل أن يحمل هُوِيَّته الجغرافيَّة والمجتمعيَّة متجاوزاً كلَّ الانتماءات الأحادية الضيقة.
* بكالوريوس أدب عربي، سوري مقيم في السويد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق