![]() |
نهى محمد علي |
نهى محمد علي *
(مسابقة طرق تعزيز التسامح والتعايش في المجتمعات العربية)
1- جاء النبي عليه السلام إلى المدينة وفيها طوائف مختلفة، وأديان متنوعة، فجعلهم "أمة واحدة" في إطار اجتماعي واحد مسلمهم وغير مسلمهم، وبين الحقوق والواجبات، وكان في المدينة أشد أعداء النبي عليه السلام، وأكثرهم نكاية به، ألا وهم "اليهود" الحاقدون عليه.
2- كان اليهودي يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيحذبه من عنقه أمام أصحابه، ويقول: أوفِ ما عليك من الدين يا محمد، إنكم يا بني هاشم قوم مطل، ومع ذلك يأمر النبي عليه السلام له بالوفاء من دون أن يعنفه أو يشد عليه أو ينتقم لنفسه.
3- كانت علاقة النبي عليه السلام علاقة "هداية ومحبة للخير لهم"، لا علاقة منابذة وعداء إلا الذين يناصبونه العداء ويتآمرون عليه، ولذلك كان يكرم جاره اليهودي، ويصبر على أذاه ويعوده إذا مرض..
4- يظن البعض أن ثنائي "التسامح والتعايش" يعني ترك الهوية الفكرية والدينية الخاصة، أو عدم مخالفة الناس عقدياً وفكرياً، وهذا تصور خاطئ لمفهوم التعايش والتسامح، فلا علاقة بين التعايش وبين رفض أفكار الآخرين أو التحفظ عليها.
5- حقيقة التعايش والتسامح الصحيحة هي مع "المختلفين" لا مع "الموافقين"، وليس كما يصور البعض أن التسامح والتعايش يقتضي قبول أفكار الناس، أو كتمان أو البراءة من الأفكار الخاصة، فهذا لا يمت للتعايش والتسامح بصلة.
6- أباح الإسلام الزواج من المحصنات من أهل الكتاب: اليهود والنصارى، ومع ذلك يعتقد المسلم بنفسه ضلال عقائد اليهود النصارى، وفساد تصوراتهم، وكفر مسلكهم، ويعاشر زوجته بالحسنى والتعايش والتسامح، فلا ارتباط بين الأمرين.
7- هناك فئتان: الأولى فئة "البراءة المطلقة" و"الهجر على التأبيد" مع المختلفين، وهناك فرقة القبول المطلق وعدم الاعتراض على عقائد الآخرين بحجة التسامح والتعايش، وكلا الفريقين بين إفراط وتفريط.. والحق الوسط بين هذين.
8- الأصل في الإسلام إقامة العلاقات على أساس "السلم" و"الوئام"، وتكون العلاقة مع الآخرين علاقة "حوار" و"جدال" بالتي هي أحسن، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا لمصلحة معتبرة، (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم).
9- لا تعارض بين التعايش والتسامح وبين الدعوة إلى ما يراه الإنسان حقاً وصواباً، أو مخالفة الآخرين بما يعتقدون وبيان ذلك بوضوح، وهذا هو الامتحان الصعب الذي لا ينجح فيه الكثير، كيف يمكن أن تختلف وتعارض وتبين ضلال وخطأ تصورات المقابل وتتسامح معه.
10- حين نقارن بين المقررات الإسلامية، وبين المفاهيم "الليبرالية" نجد الإسلام يحث الناس على القول الحسن والتخلق مع الآخرين، بينما مفهوم "حرية التعبير" في الليبرالية تعطي الحق بعدم التسامح مع الآخرين حتى بالأسلوب الغليظ..
11- لابد أن يفرق بين من يختلف معنا في التصورات والعقائد والأديان وبين من يتعدى علينا بحرب أو تحريض أو طلب فتنة، فالأول يتسامح معه والثاني يواجه بما يدفع شره.. ولذلك فرقت الشريعة بين الحربي وبين المعاهد وبين المجادل بالحسنى وبين من يظلم ويتعدى.
* محاسبة، مهتمة بالكتابة، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق