![]() |
محمد العربي بوساحة |
محمد العربي بوساحة *
(مسابقة طرق تعزيز التسامح والتعايش في المجتمعات العربية)
اتفق العرب على ألا يتفقوا....
أكثر العبارات إثارة للإحباط واليأس، لطالما شعرت بالسلبية والقنوط من سماعها، وأيقنت أن من روج لها إنما أراد بث التفرقة ونشر الخلاف لتشتيت الجهود وتعطيل المواهب وإضاعة فرص التعايش بيننا، لإقناعنا بعدم الثقة في كل ما هو عربي. والله يقول: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
هذه الآية التي دعانا الله من خلالها إلى التعارف بيننا هي أكبر دليل أن التعايش بين أفراد المجتمع الواحد لا ينجح إلا بالتعارف، وأن التعارف ملازم للتسامح ولا يمكن أن ينفصلا، ونلاحظ أيضاً أن الخطاب الإلهي موجه لكافة الناس وليس لقوم معينين، وموجه أيضاً للذكر كما الأنثى.
وعلى خلاف الآية الكريمة نجد أن جل المجتمعات العربية تفتقد لهذه الدعوة الربانية، وعوضتها "كرهاً أو طوعاً" بالعداوة والكراهية والتمييز والعنصرية والانغلاق على النفس وعدم قبول الآخر.. وسيطول شرح الأسباب السياسية التي أدت لكل هذا.
وما أجمل لو شرعنا في تغيير أنفسنا وبذلنا أدنى الجهود في سبيل تحرير ذواتنا من جحيم الأنا، ومجاهدة ضمائرنا من أجل جعل حياتنا أكثر إيجابية، وتعزيزها بثقافة التعايش السلمي حتى مع من لا نتفق معهم فكرياً، واعتبار ذلك عقيدة راسخة لا تتقادم أبداً.
والشرط الرئيس لتحقيق وإنجاح التعايش بيننا هو التسامح، ولا شيء آخر غير التسامح، فمن غير المعقول أن أسمح لنفسي أن أتعايش مع من يختلف عني فكرياً أو ثقافياً أو دينياً من دون أن أكون ذا خلفية تسامحية، أو على الأقل أكون متصالحاً مع نفسي وأتقبل الاختلاف بكل أشكاله، وألا أتعصب لنسبي وديني وقناعاتي.
آن الأوان للمجتمعات العربية أن تُقبل على الحياة الحقيقية التي لم نحياها بعد، وحان الوقت لنضع خلافاتنا جانباً والعمل على أخلقة تعاملاتنا وسلوكياتنا، فبعد أن أنهكتنا الحروب والانقسامات لم يبقَ من مخرج لأزمتنا إلا التعايش الفعلي والتسامح الحقيقي المبني على احترام الأديان والمذاهب والملل، ومن العدل والإنصاف الاعتراف بوجود الآخر وقبوله بكل اختلافاته.
تعالوا نجرب الإنسانية..
* بكالوريوس إدارة الأعمال، مهتم بالشعر والكتابة، الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق