![]() |
محمد عبدالرزاق |
محمد عبدالرزاق *
(مسابقة طرق تعزيز التسامح والتعايش في المجتمعات العربية)
إن الإسلام راعى فطرة البشر، ودعا إلى مراعاة القيم وأسس التعايش بين البشر، وأسس لمقومات السلم الاجتماعي والمجتمعي، وحرص على تأمين ذلك كله مبيناً وحدة الخلق، فهم من أصل واحد وهو آدم، داعياً إلى وحدانية الخالق، مرغباً في الوسطية والاعتدال.
وإن المتأمل في الإسلام قرآناً وسنة يجده يدعو إلى التواصل الحضاري والتفاعل مع الحضارات، والتعايش السلمي في المجتمع، وينبذ العنف والكراهية والإكراه العقدي والأيديولوجي إلى غير ذلك، وهذا واضح جلي في نصوص الوحي. وقد أرسى الإسلام أسس التعايش السلمي وقعّد قواعده، ليس على الجانب التنظيري فقط، بل كان ذلك تطبيقاً وواقعاً عملياً، ويظهر ذلك بجلاء لمن يستقرئ النصوص قراناً وسنةً وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس في العهد المدني فقط، بل والمكي أيضاً، إظهاراً للمفارقة في كيفية التعايش وقت الضعف ووقت القوة، وبياناً لكيفية التعايش زماناً ومكاناً وحالاً ومآلاً، علماً بأن كثيراً من الدساتير العالمية نادت بالتعايش، لكن كان ذلك من الناحية التنظيرية فقط.
وأما في جانب الممارسات فظهرت تناقضات واضحة، وكان الإسلام له قدم السبق في الجمع بين التنظير والتطبيق، ومما يدلل على ذلك ما سطره التاريخ من صفحات مشرقة، تؤكد أن الإسلام أنزل هذه المبادئ من سماء النظريات إلى أرض العمليات والتطبيقات، لذا ينبغي الدعوة إلى الكتابة في هذا الأمر لتحقيق هذا التعايش بين الأفراد والمجتمعات على اختلاف مشاربهم واعتقاداتهم، ويعد من الإشكاليات في هذا الأمر ذلك الزخم الفكري والترف الجدلي المثار حول مفهوم التعايش، وما شاب ذلك من مغالطات في الفهم والممارسة، وعدم التوازن في ضبط مفهوم التعايش، بين غلو جامد يرى مطلق الرفض، وانفلات غير منضبط ولا محدد. ومن هنا تولد فهم مغلوط ينزع النصوص من سياقتها وينزله على الواقع تنزيلاً خاطئاً، بفهم غير منضبط ولا مرتبط بالواقع حالاً ومآلاً، لذا لا بد من وضع معايير ملائمة يُحْتَكم إليها في ضبط مفهوم التعايش وتكييفه، رفعاً للمنطقيات اللاشرعية والمزعومة أنها توافق العقل.
* دكتوراه في الفقه وأصوله واللغة العربية، مصر
* دكتوراه في الفقه وأصوله واللغة العربية، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق