![]() |
عبدالحميد حسن |
عبدالحميد حسن *
(مسابقة أساليب تمكين الشباب العربي في بلدانهم)
كما يعمل جهاز المناعة في الجسد يكون تمكين الشَّباب في المجتمع، لأنَّه يكونُ سبباً لشعور الشَّاب بقيمته، وتعزيز مشاركته وتعبيره عن رأيه في مختلف نواحي الحياة، وفيه تحقيقٌ لمعنى الاستخلاف وعمارة الأرض، وتمكينٌ للشَّباب من التَّنمية والإصلاح المجتمعي؛ وبالتَّالي مجابهة البطالة والإدمان والعنف والتطرُّف، وكذلك تقديم جيل متعلم وواعٍ له تأثيره في الحياة.
يكون التَّمكين في مجالاتٍ عِدَّة منها الإدارة والاقتصاد والصِّحة والتَّعليم، ويكون إمَّا للأفراد أو للمنظمات، وهو عمليَّة تمرُّ بثلاث مراحل:
1- الاكتشاف: وله أدواته مثل الاختبارات الشَّخصيَّة والتجارب العمليَّة وملاحظة الخبراء، ويهدف لمعرفة القدرات والإمكانيات.
2- التأهيل: ويتم من خلاله تقوية جوانب معيَّنة مطلوبة في سوق العمل، عن طريق كورسات التَّدريب والممارسة العمليَّة على أيدي المُخْتَصِّين.
3- التَّمكين: وفيه يعطى الشَّباب فرصة للتَّأثير والمساهمة في دفع عجلة التَّنمية، كُلٌّ حسب تَخَصُّصِه.
وللبدء في هذا المشروع لا بُدَّ للدولة من قيادةٍ متحالفةٍ مع الشَّباب ومُعبِّرةٍ عن آرائهم، في علاقة استراتيجيَّة مُمْتَدَّة، وبتمثيلٍ جَيِّد لكافَّة أطياف الشَّباب من دون تَحَيُّز. ويكون ذلك عبر حوار مفتوح مباشر مع كُلِّ فئات الشَّباب، في مؤتمر سنوي يناقش القضايا ويُؤَمِّنُ على التَّوصيات. ولا ننسى دَور المجالس الوطنيَّة للشَّباب؛ كجهاز استشاري تستعين به الدَّولة، لِيُوصِلَ صوتَ الشَّباب ومشروعاتهم وأفكارهم ويدعمها لترى النُّور.
ثُمَّ العمل على إقامة حواضن أو مراكز وطنيَّة مُسْتَقِلَّة، لتدريب وتأهيل الشَّباب في كافَّة المجالات، بمنهجٍ يُعزِّزُ الخبرة العمليَّة والتنفيذيَّة، ويكون الالتحاق به عبر آلياتٍ شفَّافة تضمن فُرَصًا متكافئة للجميع. وفي مرحلة أخرى يُؤَهَّلُ ذوي الكفاءة من الشَّباب؛ ليكونوا مُدَرِّبين فيما يمكن تسميته تمكين الشَّباب بالشَّباب.
إنَّ تمكين الشَّباب في بلدانهم هو مشروع استثماري ضروري للنُّهوض بالبلاد وتنمية المجتمعات. ولا يتمُّ ذلك إلا بتشجيعهم وتوجيه طاقاتهم، ثُمَّ العمل على تأهيلهم وإتاحة الفُرَص لمن يَسْتَحِقُّها. إن أقوى المنظومات وأجملها تلك الَّتي يكون لها دائماً صفٌّ ثانٍ وَجِيلٌ من القيادات والمبدعين والموهوبين، يحمله من سبقوه على أكتافهم؛ ليرى أبعد مما رأوا ويُكْمِلَ الطَّريقَ إلى آخرِ نجمةٍ في مدى العِلم والثَّقافة والتَّطوُّر.
* طبيب، مهتم بالكتابة والتدوين، يمني مقيم في السودان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق