لبنى إمام
لبنى إمام *
(مسابقة تأثير هجرة العقول على الدول العربية وطرق استقطابها)
هجرة العقول كانت وما زالت من أكبر المشكلات الّتي تعاني بسببها معظم الدول العربية منذ عقود عدة وحتى الآن، فئات شبابيّة من الأعمار كافة، تختار أن تسلك سبيلاً آخر خارج حدود الوطن لرسم حياة جديدة مختلفة.
هجرة لها أسباب ونتائج عدة، سنوردها مع الخطوات اللازمة لوقف هذا النزيف الّذي يؤدي إلى هدم أسس الدول.
أولاً، يفتقد أكثر الشّباب فرصتهم في إيجاد عمل يليق بمؤهلهم العلمي، فلا يجد أحدهم بداً إلا السّفر ليحقق ذاته هناك.
الحلّ يبدأ من استغلال كوادر الشّباب الجامعي في تعزيز سوق العمل، ورفده بالإنسان المناسب في المكان المناسب، إضافة إلى وضع خطط منهجية للاستفادة من أي شاب كفء وتوظيف دوره في جو عمل متكامل، يحقق لكل شاب ما يريده من إثبات ذاته وقدراته.
في هذه الحالة، على الدول أن توفر الإمكانيات الحقيقية للاستفادة من الشّباب وبثّ دم جديد يُشعل روح المنافسة ويُوقظ الهمم، ومن ثمّ سيفضي بعد ذلك إلى رفع شأن الأوطان.
ثانياً، القلاقل السياسية وكوارث الحروب ونتائجها التي تعانيها بعض الدول، من شأنها أن تُزعزع ثقة الشباب في المستقبل الذي هو في نظره يبدو باهت اللون، والتشاؤم والخيبة يبعدان أي حلّ ممكن، وهنا تأتي الهجرة القسرية التي لا يجد الشاب سواها ليجدد مستقبلاً بعيداً عن كل ما يراه سوداوياً.
الحلّ هنا يكمن في خلق بيئة سياسية تؤمن الاستقرار السياسي أولاً وإلحاقه بالاستقرار الاقتصادي الّذي بدوره يدعم الفرص التي ستزداد مع ازدياد وتيرة عجلة الاقتصاد، وحينها سيستغلها الشّباب حتماً ليؤسس بيئة عمل تؤمن له حياة كريمة في وطنهم.
ثالثاً، معظم هجرة الشّباب أيضاً تأتي بسبب فقدان حرّية التعبير، قيم مجتمعية واعتبارات سياسية قد تقف عائقاً أمام فكر منفتح يطمح إليه شباب يملك من التنوير في ذاته ما يدفعه أن يبحث عن وجهة أخرى تُجسد أفكاره الحرة على أرض الواقع.
لتغيير ذلك يجب التركيز على خلق مجتمع مدني بهيئاته وأفراده، بعيداً عن أية قيود، يؤمن بحرية الفرد واحترام حقوقه وواجباته، ليصبح للشاب المفكر والمثقف منبراً يترجم فيه فكره ووجدانه بما يتناسب مع تغير العصر وتبدل الزمن بما لا يتنافى طبعاً مع أي آراء أخرى، بل لتشكل صورة فسيفسائية تجمع مختلف وجهات النظر.
رابعاً، معظم الشّباب لا يجدون مبتغاهم في الالتحاق بجامعة محلية، قد لا تناسب طموحاتهم وأهدافهم، فقرار السّفر حينها أفضل ما يجده ليصوغ في عقله وروحه شخصية لطالما حلم بها.
فهنا يجب استحداث جامعات بفروع جديدة تواكب تقدم الأمم، مزودة بخبرات أكاديمية قادرة على إحداث الفرق في عقول الشّباب ومن ثمّ غرس العلم الذي ينفع البلاد.
بالمجمل، هجرة العقول كانت السبب الرئيس لنقص الكفاءات والكوادر اللازمة لتطور الدول. ولن تتحقق التنمية الحقيقية في هذه الدول، إلا إذا عالجنا حقاً الأسباب ووضعنا الحلول الحقيقية من باب المسؤولية لكي تعلو راية الأمة العربية من جديد.
* بكالوريوس أدب إنكليزي، مهتمة بالكتابة، سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق