رشيد قدوري |
(مسابقة تأثير هجرة العقول على الدول العربية وطرق استقطابها)
هجرة العقول العربية هي ما يشبه هروب الابن من حضن الأم إلى حضن المربية التي أولته بالرعاية والاهتمام حين انشغلت الأم بوضع (المكياج) بدل تشجيع ابنها وهو يلوح برسوماته المدرسية.
هكذا يمكن الحديث عن هجرة العقول العربية التي تصير عاطفية في مرحلة من التفكير، فتجد أحضان الغرب مفتوحة راغبة في احتضانها، ماسكة قطعة من الشكولاتة في يمينها، وسيارة صغيرة بلون زهي بيدها اليسرى تشجيعاً له، وتقديراً واعترافاً بقدرته على التطور والمساهمة في البناء الفكري بدل أن يظل محبوساً ينتظر لحظة إحالة موظف على المعاش، أو طرد عامل حاول أن يبدع بعقله، فكان مآله الطرد بحجة غرابة التفكير.
إن غياب الاحتواء الفكري للعقول الشابة في المجتمعات العربية هو أولى آليات استقطاب هذه العقول في المجتمعات الغربية التي تعرف كيف تستغل هذه العقول، ولعل عنونة مقال صحافي لرشيد اليزمي مخترع بطارية الليثيوم بعبارة أنا حزين راجع إلى شعوره بغياب الاحتواء لأفكاره في مجتمع عربي هو نفسه ما دفعه للهجرة حين لم يحتوِ عقله المبدع وهو طفل.
إن العقل العربي يحمل شيئاً من الأنافة العربية التي تسعى إلى من يقدرها بالاهتمام ويضع لها اعتباراً حتى لو كان هذا التقدير من الدول الغربية التي تعرف كيف تستثمر تلك العقول، فهذه الدول الغربية برغم ما وصلته من تطور تكنولوجي وعلمي ومعرفي واقتصادي ورياضي إلا أنها تظل نهمة متعطشة لكل عقل مبتكر ولا تدخر جهداً حتى يسقط في شركها، فتضع للعقل مهما كان انتماؤه الجغرافي مكاناً في مشروعها التنموي حاملة شعار: العقل الواحد لا يبني وحده.
ولعل الكثير من العقول العربية التي هاجرت راغبة مضطرة في الآن نفسه، كان سبب هجرتها غياب التقدير والاهتمام الذي يغيب في المجتمع العربي ويستشعره الطفل منذ ولوجه أسوار المدارس حين يستشعر النمطية ومفهوم العقل الواحد، إلى أن يصير شاباً وهو يرى نفسه خارج محرك التنمية الذي شاخت عجلاته وتأبى التغيير والخروج عن النمط.
ونخلص إلى أن تأثير هجرة العقول العربية لا شك يؤثر في مجتمعاتنا العربية، ولكن يبقى سبب الهجرة هو نفسه وسيلة الاستقطاب عبر التقدير والاحتواء وإتاحة الفرصة في بناء المجتمع.
* ماجستير في الأدب العربي، المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق