5 أخطاء في "نبيل الجميل".. هنيدي يدق المسمار الأخير في نعش الكوميديا - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


12/30/2022

5 أخطاء في "نبيل الجميل".. هنيدي يدق المسمار الأخير في نعش الكوميديا

مشاهدة
من مسلسل نبيل الجميل

القاهرة: بهاء حجازي

(تحذير.. قد يحتوى هذا المقال على حرق لأحداث القصة، وقد لا يكون مناسباً لك، إذا كنت تريد مشاهدة الفيلم، ولكن افتكر إني نصحتك.. بلاش..).

لا يمكن التأريخ لتاريخ الكوميديا في مصر من دون العروج على محمد هنيدي وجيل "المضحكون الجدد"، لكن أي منصف سيذكر أن هذا الجيل فقد بوصلة الكوميديا، ومازال يجري في نفس المكان، بداية من محمد سعد مروراً بهاني رمزي وأحمد آدم وحتى هنيدي، الذي يثبت في هذا الفيلم أنه لم يفقد بوصلة الكوميديا فقط، ولكن فقد بوصلة التمثيل بشكل عام.

ربما يكون هذا المقال يسيطر عليه الغضب، لأنه يخرج من محب لهنيدي تربى على صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في إمستردام، وبرغم سذاجة قصتهما وحبكتهما كان فيهما الكثير من الضحك.. ضحك اجتهد فيه كل الصناع بداية من السيناريست والمخرج ونهاية بهنيدي، لكن هنا في "نبيل الجميل" لا يوجد قصة ولا حبكة، ولا يوجد ضحك، ربما كل ما تأخذه مقابل قطع تذكرة الفيلم، هو كمية "كل سنة وأنت طيب"، التي ستسمعها حتى تصل لكرسي الفيلم.

قصة الفيلم

يحكي فيلم نبيل الجميل، عن عم الجميل ترزي، ينجب ولداً اسمه نبيل يصبح طبيباً، وفتاة اسمها زينب، ويموت الجميل يوم نجاح ابنه في الثانوية (ملحوظة هنيدي 57 سنة يمثل في الفيلم دور طالب متخرج من الثانوية ويدخل كلية طب)، يتخرج نبيل ويقول راوي الفيلم (هنيدي) إنه تخرج بعد سنين كتير، مع العلم أنه مجتهد وشاطر، ولا تعلم لماذا تخرج بعد سنتين كتير وهو مجتهد، لكن دون أن تسأل حتى يكون هناك مبرر لسن هنيدي الكبير (كان من الممكن استغلال شخصية الجميل في إخراج ضحك، لكن هذا لم يحدث).

يتخرج هنيدي من الكلية (مع أن كلية طب بها تكليف في الحكومة، إلا أن هنيدي لا يُكلف، لماذا لأنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وتساعده صديقته علياء (نور) في العمل لدى والدها صاحب أكبر مستشفى تجميل في مصر (حازم شاهين .. تذكر الاسم جيداً).. الدكتور الكبير، يسلم المستشفى للطالب الخريج، لماذا لأنه مجتهد، بل ويوظفه في مستشفى حكومي، يعالج هنيدي دبلوماسياً كبيراً سقط بمنطاد فوق المستشفى، فيطرده مدير المستشفى.. مشهد عبثي غير مفهوم، ولن أحكي كثيراً عن القصة، لماذا؟ لأنه لا يوجد قصة، هي مجموعات اسكتشات مهلهلة، وغير مفهومة.

فهنا مثلاً مدير المستشفى ينادي على هنيدي في "مايكروفون" الاستقبال، فيقول له هتيجي هنا ولا ابعت الأمن يجيبك، عزيزي هذا طبيب، وليس "عامل أمن في المستشفى"، في الفيلم مثلاً، هناك خط كبير وعريض وطويل وغير مفهوم، عن فتوة (ايوة فتوة)، يمسك النبوت ويجمع إتاوات من هنيدي ومن سكان الحارة، ويهتف اسم الله عليه اسم الله عليه، وبرغم أن الممثل محمد رضوان هو واحدة من النقاط المضيئة في الفيلم لكن لماذا هذا الخط من الأساس؟

أخطاء الفيلم

الفيلم به مجموعة من الأخطاء الواضحة، ودعنا نجملها سريعاً، عندما يحاول المعلم (محمد رضوان) كسر باب الشقة على هنيدي، يقوم هنيدي ومحمد سلام بدفع "ترابيزة السفرة"، نحو الباب، لكن في الفريم التالي لا تجد الترابيزة خلف الباب، وهو خطأ راكور معروف في السينما، ويُحاسب عليه المخرج والمونتير.

يلقي المعلم "محمد رضوان" شعلة نار من الشباك، فتمسك في جلباب رحمة، وتظل مشتعلة لمدة دقيقة في منطقة الساقين، من المفترض أن "تتسلخ" رحمة أحمد (زينب شقيقة هنيدي)، لكن ماذا حدث، لم يحدث أي شيء لأقدامها، ولكن طال الحريق وجهها وأصبح مليئاً بالفحم، مع أن النار لم تصل لمنطقة الوجه أصلاً.

ينزل هنيدي وسلام من شباك خلف المنزل لكي يهربوا من المعلم، لكنهم يخرجون من باب العمارة، بما يوحى أنهم سحرة.

بدون مبرر، يعرف هنيدي أن حمدان (محمد الصاوي)، هو الذي بدل له حقن البوتكس، كيف عرف؟ لا نعرف، لأن السيناريو لم يوضح وهنيدي لم يستفسر، والمخرج لم يستوقفه شيء.

نور تتحدث بلهجة مصرية ضعيفة، نور في مصر منذ فيلم شورت وفانلة وكاب سنة 2000، ومازالت لا تتحدث اللهجة المصرية بإتقان، مثلها مثل الفنان جمال سليمان، وهو ليس به أزمة إن كان هناك مبرر درامي له في السيناريو.

محمد هنيدي في الفيلم

تفكك السيناريو

السيناريو مفكك ومهلهل، ثلث الفيلم الأول الذي يعنى بتقديم شخصيات الفيلم، لم يقدم الشخصيات كما يجب وكان الضحك فيه أقل ما يكون، وشخصية سامبو، لا مبرر لها سوى مشهد المستشفى، ثم لا شيء، ينساه المؤلف ثم يتذكره، دون مبرر يذكر (مع أن مؤلفا الفيلم يقدمان دراما جيدة ومحكمة ومحبوكة في مسلسل المداح).

الفيلم بلا حبكة، وبعدين مرور ساعة ونصف من اللا شيء، تذكر المؤلف أن هناك حبكة لابد من وضعها، وعقدة لا بد أن يحلها البطل، فأجمل الموضوع في 10 دقائق، مخلاً بالفصل الثالث من الفيلم، مثلاً دعني أوضح لك، تذهب مادلين طبر لحقن حقنة لجعلها أكثر شباباً، من دون تحليل أو فحوصات، يقوم هنيدي من مكانه يحضّر حقنة، ويضربها لها، تصرخ مادلين ويتورم وجهها وتكتشف أنها حقنت بحقنة خاطئة وتم تدمير وجهها.

نور دكتورة تجميل، تقوم بحقن نفسها بحقنة، فيتورم وجهها في نفس اللحظة، وتقول لوالده: "شفت الحقنة الفاسدة، خلاص ملهاش علاج غير عملية لإما هتتشوه بقية العمر، ما هو المرض أصلاً، وكيف عرفت أنه يحتاج عملية في ثانية؟، هنا ينتحر المنطق في زاوية المشهد.

هنيدي "نبيل الجميل"، يذهب للمعمل فيخبره أن الحقنة ملوثة ومنتهية الصلاحية، فبلا مبرر يقول أوبا يبقى حمدان (مدير مكتبه وكبير الممرضين)، هذه هي عقلية كاتبي الفيلم ورؤيتهم لحبكة الفيلم، ولأعطيك مثالاً، هنيدي أصبح طبيباً شهيراً، فيذهب له "حازم شاهين - أحمد فؤاد سليم"، ويقول له متنساش إني أستاذك، فيقول هنيدي: منسيتش أني أستاذك بس"، فينتفض أحمد فؤاد سليم: "احترم نفسك وخد بالك من كلامك"، يا صديقي الفاضل هو لم يتكلم من الأساس ليأخذ باله من كلامه.
 
تخيل في سنة 2022، يتحدث الشرير "ياسر الطوبجي"، مع نور عن هنيدي، فتقول له: "نبيل مش مستوايا"، فيسمعها هنيدي من أعلى فيترك المكان، فتقول نور: "دا أعلى من مستوايا لإنه مجتهد وشاطر"، في قصة الميس إندرستاندنج التي قُتلت بحثاً منذ زمن سيدنا خشبة.

إذا كنت تحب رحمة أحمد في مسلسل الكبير، فلن تجدها في فيلم "نبيل الجميل"، هي شخصية أخرى، برغم فرد مساحة كبيرة لها في السيناريو، لكنها مساحة ممكن تضاف للفرص المهدرة في السيناريو وفي الفيلم.

مشاكل أخرى

الفيلم به مشكلة كبيرة في الإضاءة، هنيدي يذهب للمستشفى صباحاً، وشمس الله تنير العالم، فيعالج طفلاً فقيراً، فيطلبه مدير المستشفى ليدخل غرفة مظلمة كأنها كهف "ثام لوانج" في تايلاند، في مشهد آخر عندما يذهب هنيدي للمستشفى الحكومي تجد المستشفى كلها بلا إضاءة في مشاهد موترة، ويبدو أن مخرج الفيلم "خالد مرعي"، مازال يُخرج مسلسل البيت بيتي.


نقاط مضيئة إضاءة خفيفة

يظل محمد سلام من النقاط المضيئة في الفيلم وربما مصدر الضحك الوحيد في الفيلم مع محمد رضوان، بإفيهات سلام المعتادة، وإن كان هناك افتعال في الآفية، لنوضح الأمر.
هنيدي يذهب للفتك بحمدان، فيجد عنده 4 فتيات ليل، بدون مبرر طبعاً أن يجلب رجل 4 فتيات، لكن لماذا حتى يكون هناك آفيه من هنيدي وسلام.
- هنيدي.. لفهملي اتنينات اتينيات..
- سلام .. دا انا هدخل عليهم الأربعة.. (هناك افتعال للموقف ككل، وكأن صناع الفيلم يقولون لك، خلىي بالك في ضحك جاي، خلي بالك في آفيه جاي، كوت من الضحك بقى، مع أن جزءاً كبيراً من سبب الضحك على آفيه ألا تتوقعه، أن يلطمك على وجهك، هنا هم أشبه بباك شمال يجري بالكرة، ونحن نعلم أنه سيرفعها، لكن لا بد أن يقف ويدور ويحملق ويتعملق، ثم يلقي بها خارج المستطيل، فيعود مسرعاً لنصف ملعبه، مع لعنات الجمهور.
في نهاية الفيلم، يذهب الطبيب "حازم شاهين"، ليطمئن على نور، وبعد النهاية السعيدة، يُخرج حازم شاهين "بايباً"، ليسأل هنيدي سؤالاً ساذجاً، ممكن أولع "البايب" دي هنا، ثانية واحدة، أنت طبيب وتعرف أنه ممنوع التدخين في المستشفى، لكنك تقف في مدخل المستشفى في الريسيبشن ولا يوجد أحد غيرك، لكن لماذا هذا السؤال الهايف، حتى يقوم سلام بأخذ "البايب"ويشعلها كأنها شيشة، ويقول لـ فؤاد سليم "شد يا باشا".

في نهاية الفيلم، يقول هنيدي "نبيل"، للدكتور "حازم شاهين": "يا دكتور سليم"، مع أن اسمه حازم شاهين، هذا لأن هنيدي نسي أن الطبيب اسمه حازم، فقال له اسمه الحقيقي، لأن الممثل اسمه أحمد فؤاد سليم".

في النهاية سيظل، هنيدي فاقداً للبوصلة، لأنه لا يتصالح مع سنه، هو وحلمي ورمزي، لا يتصالحون.. إنهم يخطون نحو الستين، ودور طالب الجامعة الذي يبحث عن عمل لم يعد مناسباً لا لسنهم، والشد والنفخ وتبييض الأسنان يكون مفتعلاً وظاهراً، فليتصالحوا مع أعمارهم، ويبذلوا مجهود أكثر ليقدموا أفلاماً يصدقها الناس.

ربما تساعدك الـ"سوشيال ميديا" والدعاية عليها على جمع ملايين عدة (علماً بأن متوسط سعر التذكرة 100 جنيه)، لكنها لن تخلق فيلماً يعيش، مثل أفلام جيدة الصنع مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية، التي صنعها ممثل مجتهد اسمه محمد هنيدي.

ويظل أصدق ما قيل عن الفيلم، ما قالته سيدة أربعينية، في صالة السينما بعد تترات الفيلم ونحن نتحسس الطريق للخروج: "هو هنيدي مبقاش يضحّك ليه.. هو بيعمل كدا ليه؟"، على هنيدي أن يجيب على هذه الأسئلة، لأنها من جمهور حقيقي ومحب، ذهب للسينما في وسط البلد، واقتطع من مدخراته، تذكرة لفيلم نبيل الجميل، فلم يجد لا نبل ولا جمال ولا ضحك.



هناك تعليق واحد: