جواد عامر: سفينة القيم الإنسانية بين الغرق والنجاة - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


12/29/2022

جواد عامر: سفينة القيم الإنسانية بين الغرق والنجاة

مشاهدة
جواد عامر

جواد عامر *

(مسابقة أهمية القيم الإنسانية في بناء شخصية الشباب العربي)

لا يستقيم بناء الشخصية الإنسانية بغير قيم تُزْرَع بُذورُها في مشتلِ النُّفوس الصغيرة لتمدَّ أعْراقها في تربته الندية وتُبرعمَ زهوراً تنشر أَرَجَها في كل الفصول فتتعهدها الأسرة والمدرسة والمحيط والإعلام بالسقي صناعة لجيل تغذِّي روحَه جميلُ القِيم والأخْلاق فينجوَ من بحر لُجِّيٍّ يكاد يغرق سفينةَ قيمنا الدينية والاجتماعية، رياحه الهوجاء ظلت تدفع موجات التغريب إلى الضفاف العربية، واليوم تحرك تياراتها الرقمية المتسارعة بأبنيتها وتشكيلاتها المتجددة ومضامينها القيمية الفجَّة بقوة نحوالعقول.

إن زرع القيم طريق إلى بناء الشخصية بناء قويماً متوازناً، لتتراءى منهجاً عملياً في الحياة وتتجلى أفعالاً راقية وواعية، تمنح الشاب الثقة وتشعره بالسلام الداخلي والتوازن النفسي برغم المُلِمَّات وتهَبُه القدرةَ على التَّكيُّف وظروفَ الحياة ومواجهتها بثقة وحزم، مُرَجِّحاً كفَّة الأصْلح ومُقدِّماً مصلحة العامة بوعيٍ تامٍّ تصنعه القناعة والإيمان بالفعل المُمارَس ويحكمه ميزان العقل وتُسيِّره الإرادة الحرة

وتحقيقاً للوحدة المجتمعية والكونية تحتاج سفينتنا للامتلاء بالمحبة والإخاء والتعاون وتقليد النفوس بأوسمة الوطنية الصادقة التي سترخي ظلالها وارفة مُنَدَّاةً على الشُّطْآن فيسودَ التعايش والتسامح، ونُكَلِّلَ الصدورَ بأزهارالصدق والحُبِّ والرحمة والأمانة والحرية والعدالة والاحترام، قاطعين الطريق على أشواك التناحر والنَّعرات وأقْذاء العصبيات والتمايز فيُقْدَرُعلى مواجهة الصعاب عبر رؤية موحدة تُقصي النرجسيَّة المُحْبِطَة وتجْعل الثقافة الاجتماعية حكاية متناسقة الفصول لا شروخَ في مراياها.

إن زرع القيم الجميلة سيؤتي سنبله مثقلاً بالحُبّ والتعاون والاحترام يغازل نسائم الصفاء والطُّهر ويرُدُّ عواصف الحقد والكراهيَّة الحارقة وزوابع التطرف والميز المدمرة فتشتد لُحمة الأفراد وتتقوَّى أواصرالقومية العربية، فتتعزَّزالهوية بمُركَّباتها المختلفة ديناً ولغة وثقافة وسلوكاً راكبة سفينة القيم لتهدل حمائم السلام وترفرف رايات الأمن والإخاء بشواطئنا العربية وتتشكلَ أفعالاً إنسانيةً راقية مثلما شهدنا زمن "الكورونا" حيث قيم التعاون الكوني تسيَّدت المشهد، ورأى العالم قيم البِرِّ والتآخي والصداقة وروح القومية والعروبة.

وهكذا تستطيع منظومة قِيمِيَّةٌ تنْهل من ينبوع الخطاب الديني والعُرْف الكونيِّ الإنساني منْح الوجود جماله في المشتل العربي مبعدين الأشواك المُدمية والأقذاء المفسدة عنه ماضين بصفاءِ قِيَمِنا نمخر العباب بأناة وحكمة وحنكة نحْو شاطئِ النجاة.

* بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، المغرب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق