هشام مصباح: المواطنة اللغوية بوصفها عامل تعزيز لقيم الهوية والانتماء - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


12/30/2022

هشام مصباح: المواطنة اللغوية بوصفها عامل تعزيز لقيم الهوية والانتماء

مشاهدة
هشام مصباح

هشام مصباح *

(مسابقة أهمية القيم الإنسانية في بناء شخصية الشباب العربي)

نعيش في عالم تحيط به الظواهر المعقدة من كل الجهات؛ لتفرض على الذات المنتمية إليه نمط حياة أخرى تسير بوتيرة متسارعة لا تعرف التوقف أو البطء على الاطلاق، في ظل التحالف الرهيب للعلم والتقنية في القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، المعروف عند أهل الاختصاص بقرن الثورات العلمية الكبرى، على الصعيد الفيزيائي أين تحضر الثورة الكمومية تتبعها الثورة الثانية المعلوماتية وأخيراً ثورة الكائن الحي الثورة البيولوجية ومشروع الجينوم البشري، فكيف يمكن إعادة قراءة واقع القيم الإنسانية المغيّبة على الصعيد العالمي من جهة، والصعيد العربي من جهة أخرى، بوصفه العالم الاستهلاكي لمنتجات الحضارة الغربية المسيّطرة على المجالات كافة.

ترتبط فكرة المواطنة بمجموعة من الأسئلة المحورية والحاسمة في حياة الإنسان وحضوره الإيجابي داخل قلعة الوجود الحصينة، تلك القلعة المتينة التي تحرسها ترسانة من المقومات الهوياتية لعل من أبرزها المواطنة التي تعني في أحد أبعادها أن يكون لك حقوق وعليك واجبات ذلك المفهوم القانوني للمواطنة وشقها السياسي في حين يتسع مجالها بتوسع حلقة الانتماء والهوية، فهي تحديد لماهية الذات في الانتماء إلى الأرض والهوية الأصيلة النابعة من تشبع المواطنين بقيمة الانتماء الفعلي إلى هذه البلاد دون غيرها، ومن ثم ترسم المواطنة ملامح الإنسان وتحدد حركيته داخل المجتمع المنتمي إليه.

إن المواطنة تعبير حقيقي عن مجموعة من القيم الإنسانية السامية داخل أي مجتمع مهما كانت أفكاره المنتشرة داخله، والأمر نفسه ينطبق على الفرد العربي الذي يحاول البحث عن ماهية ذاته المجروحة وسط ركام الحداثة وما بعدها وهو لم يعرف بعد معناها الحقيقي في ظل هذه التغيرات التي يفرضها منطق الحياة وتغيراته الكثيرة على جميع الصُّعد؛ لذلك كانت اللغة العربية من بين العوامل المهمة التي تدعّم مفهوم المواطنة وتزيد من قيم الانتماء والهوية العربية لما تميزت به من صفات وخصال لا توجد في غيرها من اللغات، ويكفيها في ذلك أنها لغة القرآن الكريم المقدسة وفيها جمعت معاني المروؤة والشهامة والأصالة، إنها لغة تعزز الانتماء المشترك في عالم تمكنت منه سموم الكراهية إلى أبعد الحدود.

* دكتوراه فلسفة، في العلوم والقيم في الفكر الغربي المعاصر، الجزائر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق