محمد مشالي: الهوية العربية بين عالمية القيم الإنسانية وخصوصية الإرث الثقافي - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


12/31/2022

محمد مشالي: الهوية العربية بين عالمية القيم الإنسانية وخصوصية الإرث الثقافي

مشاهدة
محمد مشالي 

محمد مشالي *

(مسابقة أهمية القيم الإنسانية في بناء شخصية الشباب العربي، وتعزيز هويتهم العربية)

ماذا يعني أن تكون عربياً اليوم؟ إن الرؤية مشوَّهة، فنتيجةً لثقل وطأة الشتات، اللجوء، أو الهجرة، أصبحت الهويات العربية متعددة ومختلطة، وترزح تحت نير العولمة، برغم ذلك، فلم يفتَّ الأمر من عضد العرب، فلاتزال هناك جذور قوية بناءً على التاريخ المشترك واللغة. من كل هذا تنتج هوية معقدة، تظهر كحجر عثرة إزاء الحداثة، وتتجسد كحنين إلى استعادة الماضي الوئيد.

يحدد مفهوم الهوية ماهية الفرد، وتُستمَد الهوية من الخصائص الثقافية للبيئة الاجتماعية (اللغة - التراث - الدين). إن التنشئة الاجتماعية في بيئة ثقافية معينة تسهم في تكوينها. وتظهر الهوية كعملية معقدة تخضع للمتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ويُمثِّل سؤال الهوية مؤشراً مهماً على الشعور بالانتماء أو الإقصاء من المجتمع. إن هوية الشخص متجذِّرة في الخبرات المتراكمة والإطار الثقافي. وكونها قابلة للتغيير عن طريق الاتصال بالآخر يجعلها في حالة تطور دائم.

والقيم الانسانية هي الفضائل التي ترشدنا لأخذ إنسانيتنا في الاعتبار، إنها مرآة المجتمع. فيمكن من خلالها التحاور ورأب الصدع، ويجب أن نهدف إلى تعزيزها كأساس للهوية القومية، ومِعوَل بناء للشخصية العربية، وكأداة لإدارة العلاقات الإنسانية. في الواقع، يمكن أن يُساء فهمها، وتُشبَّه بالخطابات "الوعظية"، لكن في حقيقة الأمر، هي قيم عالمية وشاملة للجميع بغض النظر عن الدين أو الجنس أو التاريخ. إنها تساعدنا على اتخاذ القرارات الصحيحة والعيش معاً في وئام، وتشكِّل نظرتنا إلى العالم، ويمكن أن تكون محركاً قوياً للتغيير الاجتماعي.

بدونها، تضعف الأواصر الإنسانية؛ ما يقلِّل من فرص وجود مجتمع سلمي، أو تكوين شخصيات فريدة. هناك قيم جوهرية عدة للوصول إلى مجتمع إنساني متناغم، أبرزها: الاحترام والحب والحرية والسلام والعدالة. لسوء الحظ، غالباً ما يُستهزأ بها وتُقوَّض. لهذا، من المهم الحفاظ عليها وغرسها في الأجيال المقبلة. إنها إرث لإدامة الإنسانية برمَّتها، وحجر الأساس لهويتنا العربية. فمن خلال مشاركة القيم الإنسانية يمكننا فهم الاختلافات واحتوائها واحترامها بشكل فعَّال؛ لذا، فإنه مُلقى على عاتقنا جميعاً أدوار محورية لصقلِها وتعزيزها.

* مدرس مساعد بكلیة الحقوق، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق