 |
| أحمد خالد علي |
(مسابقة أهمية القيم الإنسانية في بناء شخصية الشباب العربي)
من القيم ما إن هدم هدمت معه الأمة، كأساسات المباني، وأنى للمباني أن تعلو وتنتصب قامتها دون أساس متين تقوم عليه. فمن القيم التي لا غنى عنها في بناء شخصية الشاب العربي الآن الثقة بالنفس والاعتزاز بها وبلغتها والأمانة والشفافية.
ما عرف التاريخ أمة صنعت حضارة واستقلت بذاتها عن طريق التقليد أبداً، فمنذ أن وقف العرب من الحضارات الغربية موقف الزبون المنبهر غافلاً عن قيمه ومنطلقاته وغايته أصيبت عقول الأمة بداء التقليد الأعمى، وأصبحنا الآن في معزل عن قيمنا ولغتنا، وإنك لترى الطبيب العربي في دولة عربية يكتب الدواء لمريضه العربي باللغة الأجنبية!
والإشكال أن التقليد قد حل في شؤون الحياة المادية والمعنوية كلها، حتى أصبحنا نُطَبِّع قيمنا وعاداتنا على عادات الغرب وأصبحنا غير قادرين على نقد أي شيء يأتينا من عندهم؛ لأن المغلوب دائماً ما يحب تقليد الغالب ولو على حساب دينه وقيمه حتى يشعر بشيء من التفرد والحداثة. ونتج عن هذا ضعف في البحث العلمي واكتفاء بنقل مظاهر الحداثة المادية دون وعي بمنطلقاته، وبالتالي عجز عن التطوير والتحديث بما يناسب الاحتياجات الذاتية.
لذلك لن نسير قدماً إلا وقد أرسينا دعائم الثقة في نفوسنا وفي قدرتنا على صنع حضارة متفردة تتناسب مع النسيج القيمي لأمتنا، معتزين بتاريخنا ولغتنا، ومتعلمين من غيرنا لا مقلدين. فلا جمود يمنع الأمة عن الانتفاع بمخترعات وأفكار غيرها، ولا نقلاً وتقليداً أعمى يمهد لهيمنة الآخرين عليها.
ثم تأتي الأمانة لتزيل عن الأمة درن الكسل وقلة المسؤولية والغش وكل ما يناقض حسن العمل وإتقانه. فلما غابت الأمانة عن الأمة، أصبحنا نرى المهام تسند إلى غير أهلها، فلا تؤدى كما يجب، وفشت الرشوة وباتت هي الأصل وما سواها مستنكر غريب! وأصبح مدار همّ الكثير من الموظفين الحصول على الراحة وكثرة المال دون النظر إلى مدى الكفاءة في إتمام العمل وإتقانه! فما أحوجنا إلى أجيال تنشأ على قيم الأمانة والنزاهة والشفافية حتى يُسند الأمر إلى مستحقه ويؤدى على أتم وجه.
* بكالوريوس في الهندسة الكيميائية، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق