![]() |
الطبيب نسيم دلول |
طرطوس، سوريا: حسام الساحلي
يعد التخدير النصفي من أنواع التخدير التي تستخدم لإجراء الجراحات الطبية، ويكون عن طريق حقن المريض بالمخدر بداخل السائل المحيط بالنخاع الشوكي والذي يطلق عليه السائل الدماغي الشوكي، ويوجد أيضاً فوق غشاء الجافية المحيط به، ويُعطى المريض التخدير من منطقة الظهر، وبمواقع معينة، وهو عبارة عن نوعين: التخدير الشوكي والتخدير ما فوق غشاء الجافية.
عن موضوع التخدير النصفي (استخداماته، وميزاته الإيجابية، وتحذيرات طبية) التقت "باث أرابيا" اختصاصي طب التخدير والانعاش، الدكتور نسيم دلول.
ما هو التخدير النصفي؟
يفتتح الدكتور نسيم حديثه: "التخدير النصفي أو ما يسمى بإبرة الظهر هو عبارة عن عملية إيقاف السيالات العصبية من الأعصاب الطرفية إلى الحبل الشوكي عن طريق حقن مادة مخدرة مثل الليدوكايين والبوبي فيكائين (ماركائين) داخل سائل النخاع الشوكي. وفي أثناء التخدير النصفي لا يفقد المريض وعيه، ولكن يفقد فقط الإحساس والحركة بالجزء السفلي من جسمه؛ ما يسهل على الطبيب إجراء العملية الجراحية بكل سهولة وبدون ألم أو معاناة".متى نلجأ للتخدير النصفي؟
"نلجأ إلى التخدير النصفي إذا كان الإجراء الجراحي في مناطق أسفل السرة، وخصوصاً للمرضى الذين يعانون الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب أو أمراض الجهاز التنفسي، ويوجد العديد من الإجراءات الجراحية التي يمكننا اللجوء فيها إلى التخدير النصفي، ومن أهمها: عمليات الولادة القيصرية، وعملية البواسير وآفات الشرج الجراحية، وعملية الفتق الأربي، وجراحات العظام والمفاصل في الحوض والأطراف السفلية، وجراحات المثانة والبروستات والأعضاء التناسلية". هذه بعض الحالات الجراحية التي يخدرها الدكتور نسيم تخديراً قطنيّاً كما ذكر لنا.إيجابيات التخدير القطني
بعض الميّزات الإيجابيّة الّتي تشجّع المريض على قبول التخدير القطني كما ذكر لنا دلول على ضوء تجربته الطويلة في غرف العمليّات المختلفة: إبقاء المريض أثناء الجراحة بكامل وعيه. تنفس المريض بشكل طبيعي وعدم اللجوء إلى التنفس الصناعي. التخلص من الألم بشكل أفضل من المسكنات التي تُعطى للمريض في حالة التخدير الكلي. قدرة المريض على استعادة حركة الأمعاء بشكل أسرع وأفضل عن التخدير الكلي والقدرة على تناول الطعام والشراب. تقليل الحاجة لأدوية التخدير الكلي التي تتسبب في أضرار كالقيء والغثيان. التخلص من مخاطر التخدير الكلي مع المرضى كبار السن وأمراض القلب والجهاز التنفسي.هل يوجد موانع لاستخدام التخدير النصفي؟
ويأخذ الدّكتور نسيم بعين الاعتبار: "أنه يوجد العديد من الحالات التي لا يجب على المرضى أخذ التخدير النصفي ومن أهمها ما يلي: رفض المريض التخدير النصفي. وجود إصابة أو عدوى جلدية في موضع إدخال إبرة التخدير النصفي. إصابة المريض بآفات انحلالية في الدم. وجود أورام أو التهابات في الدماغ. فقدان كمية كبيرة من الدم في حالات النزيف أو الصدمات. تغير التشريح الطبيعي للفقرات (تشوه في العمود الفقري)".تعد هذه أكثر الموانع التي تمنع الطبيب من استخدام التخدير النصفي للمريض، كما أخبرنا الدّكتور دلّول أنّ المريض لن يشعر بأي ألم أثناء الإجراء الجراحي، وإذا شعر المريض بالغثيان أو القيء أو الصداع فعليه فوراً إبلاغ طبيب التخدير، ويستمر عمل إبرة التخدير لمدة من 4-6 ساعات، ومن ثَمَّ لا يشعر المريض بأي ألم بعد العملية لمدة تزيد على الساعتين.
التدخين والتخدير
يوجّه الدكتور نسيم رسالة تحذيرية إلى المدخنين الذين يخضعون لعمل جراحي: "يسبب النيكوتين تسرع القلب، رفع الضغط ، كما يسبب التدخين زيادة مقاومة الأوعية الإكليلية، ويبدي المدخنون الاضطرابات التالية: انسداد الطريق الهوائي، انخفاض المطاوعة الرئوية، ارتفاع مستوى كاربوكسي هيموغلوبين، التهاب قصبات مزمن، انخفاض السعة الانتشارية، زيادة الاختلاطات التنفسية التالية للجراحة البطنية عند المدخنين بمعدل ستة أضعاف مما هو عند اللامدخنين. ينصح بإيقافه خلال 4 ـ 6 أسابيع السابقة للجراحة الانتخابية، ويفيد التوقف عنه لمدة 12 ـ 24 ساعة في زيادة قدرة الجهاز القلبي الوعائي على سحب غاز co والنيكوتين من الدم. كما يفيد التوقف عنه لبضعة أيام في استعادة الأهداب التنفسية لفعاليتها في طرد المفرزات، ويفيد الامتناع عنه لمدة 1 ـ 2 أسبوع في تقليل القشع".يبدأ الاستعداد للعمل الجراحي منذ لحظة اتخاذ قرار العملية
التحضير والاستعداد للعمل الجراحي هو الخطوة التالية لقرار العملية كما أخبرنا الدكتور نسيم، ويوجه حديثه للمريض قبل العملية: "عليك أن تخبر الطبيب عن جميع الأمراض التي أصبت بها وعن جميع العمليات التي قمت بإجرائها في السابق، إضافة إلى أي أدوية تتناولها، وإيقاف التدخين مباشرة هو خطوة مهمة للغاية في الاستعداد للعمل الجراحي. في كثير من الأحيان لا حاجة لإجراء أي تحاليل أو فحوص قبل العملية. في بعض الأحيان يقوم الطبيب بطلب بعض الفحوص المخبرية والشعاعية قبل العملية. وهناك بعض الأدوية التي يجب إيقافها قبل فترة من العملية وبعض الأدوية الأخرى التي يجب أن تتناولها صباح العملية. كما أن الموافقة على العمل الجراحي ليست مجرد توقيع وإنما تدل على فهم المريض لمخاطر العمل الجراحي ومضاعفاته".أضرار إبرة الظهر على المدى البعيد
يتابع الدكتور نسيم حديثه حول الآثار الجانبيّة المحتملة لإبرة التخدير القطني: "عادةً ما تكون إبرة الظهر آمنة، لكن كما هو الحال مع جميع العلاجات الطبية قد تحدث بعض الآثار الجانبية كالألم والحكة التي سرعان ما تختفي بعد انتهاء مفعولها، كما قد تحدث بعض الأضرار طويلة المدى التي تُسببها حقنة الظهر ومن بينها ما يأتي:انخفاض ضغط الدم: تُشير العديد من الدراسات إلى أن نحو 14% من المرضى الذين أجري لهم حقنة الظهر أُصيبوا بانخفاض ضغط الدم على الرغم من أن هذه الإبرة نادراً ما تكون ضارة. تؤثر حقنة الظهر على الألياف العصبية التي تتحكم في تقلص العضلات داخل الأوعية الدموية الأمر الذي يُؤدي إلى استرخاء الأوعية الدموية وخفض ضغط الدم. في حال انخفاض ضغط الدم بشكل كبير وللحد من هذا الخطر من الضروري أن يحصل معظم المرضى على سوائل وريدية قبل أخذ حقنة الظهر.
فقدان السيطرة على المثانة: بعد حصولك على حقنة الظهر قد لا تتمكن من الشعور بامتلاء المثانة نتيجة تأثيرها على الأعصاب المحيطة. قد يعود بإمكانك التحكم في المثانة عندما تختفي تأثير هذه الحقنة، ولكن من أضرار إبرة الظهر على المستوى البعيد أنك قد تحتاج لإجراء قسطرة البول للتحكم في المثانة من جديد.
مشاكل في التنفس: يُمكن أن يُؤثر التخدير بواسطة إبرة الظهر في حالات نادرة جداً على عضلات صدرك التي تتحكم في التنفس، الأمر الذي قد يؤدي إلى تباطؤ التنفس أو الإصابة بمشاكل حادة في الجهاز التنفسي وهو واحد من أضرار إبرة الظهر على المدى البعيد.
الصداع الحاد: إذا ثقبت إبرة الظهر عن طريق الخطأ الغشاء الذي يُغطي الحبل الشوكي وتسربت السوائل فقد يتسبب هذا في الإصابة بالصداع الشديد. يُعالج الصداع الناجم عن ثقب الغشاء المحيط بالحبل الشوكي عن طريق ما يأتي: مسكنات الألم عن طريق الفم، والأدوية التي تحتوي على كافيين، وشرب الكثير من السوائل. في حال لم يُخفف ذلك من الصداع قد يقوم طبيبك بإجراء ما يُسمى برقعة الدم فوق الجافية، إذ يحقن عينة صغيرة من الدم في مكان الإبرة وعندما يحدث تجلط في الدم يغلق الثقب ويتوقف الصداع.
العدوى الميكروبية (الإنتانية): قد تتسبب الإبرة التي تُحدث ثقباً صغيراً في الجلد في انتقال البكتيريا إلى داخل الجسم وتؤدي إلى الإصابة بالعدوى. على الرغم من أن هذا الأمر نادر الحدوث بسبب الإجراءات المتبعة في تعقيم الإبرة وتعقيم منطقة إدخال الإبرة قبل إدخالها إلا أنه قد يحصل، ويعد أحد أضرار إبرة الظهر على المدى البعيد.
تلف الأعصاب: يُمكن أن تضرب إبرة الظهر عصباً عن طريق الخطأ مما قد يؤدي إلى فقدان الإحساس المؤقت أو الدائم في الجزء السفلي من الجسم، كما يُمكن أن يتسبب ذلك أيضاً في نزيف حول منطقة الحبل الشوكي وتلف الأعصاب، إذا كان لديك أعراض مثل: الخدران، أو الوخز بعد زوال تأثير إبرة الظهر قم بإخبار طبيب التخدير على الفور.
مضاعفات نادرة لإبرة الظهر: بعد معرفة أضرار إبرة الظهر على المدى البعيد، تتضمن المضاعفات الأخرى لحقنة الظهر النادرة جداً، وأكرر النادرة جداً، ما يأتي: النوبات والتشنجات، الوفاة لذا يُستحسن قبل اتخاذ قرار الحصول على إبرة الظهر مناقشة الإجراء مع طبيب التخدير والاستفسار عن مدى خطورتها على الجسم."
تحضير المريض
الغاية من تحضير المريض ونقله إلى الحالة التي تكون فيها المخاطر التحذيرية للتخدير بأدنى مستوياتها، فقبل أن يوقع الدكتور نسيم دلول على ملف المريض ووصفه باللائق للعمليات يدور حوار بينه وبين المريض: "لا بد من تحضير وتهيئة المريض للعمل الجراحي وأخذ قصة سريرية كاملة عنه. يبدأ التحضير للعملية الجراحية بالتقييم السريري الكامل لحالة المريض. وذلك من خلال أخذ معلومات مفصلة، والتي تشمل الأمراض السابقة التي يعانيها المريض، والعمليات الجراحية التي خضع لها في الماضي، وفيما إذا حدثت مضاعفات جراحية أو تخديرية معينة بعد هذه العمليات، والأدوية أو المستحضرات التي يتناولها المريض، وما إذا كان هناك تحسس على مواد معينة، وما إذا كانت هناك مشاكل دموية أو نزفية سابقة لدى المريض أو العائلة. إضافة لإجراء كامل التحاليل الضرورية والفحوص الشعاعية وتخطيط القلب. بالنهاية لا يوجد مريض لا يتخدر أو غير لائق العمل الجراحي من الناحية التخديرية. ولكن بالعمليات الباردة يُحضر المريض إلى الحالة التي تكون المخاطر التحذيرية بأدنى مستوياتها. ملاحظة: (لا يوجد عمل جراحي تحت التخدير بدون خطورة مهما كانت حالة المريض الصحية سليمة. فهناك 1-4 وفيات تقريباً من أصل 10000 حالة تخدير بأسباب مجهولة)، أما في الحالات الإسعافية والحالات المهددة للحياة فإننا نقوم بتخدير المريض مهما كانت حالته سيئة بعد تقديم كل ما يمكن تقديم من دعم للحياة، التنفس القلب الدوران، قدر الإمكان إن سمحت لنا الظروف وبأسرع وقت".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق