تباطؤ التقدم العلمي برغم كثرة الأعمال البحثية - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/05/2023

تباطؤ التقدم العلمي برغم كثرة الأعمال البحثية

مشاهدة
نشرت مجلة "نيتشر" دراسة حديثة تبين أن المنشورات العلمية والابتكارات التكنولوجية تشهد نمواً مطرداً، غير أن الاكتشافات الكبرى التي تدفع قدماً بالعلم بصورة مذهلة تتراجع مع الوقت.

وجرى توثيق هذه المفارقة سابقاً، والتي تتمثل في تباطؤ التطور العلمي رغم التسارع في إنتاج المعرفة، في مجالات بحثية معينة مثل أشباه الموصلات أو الصيدلة، بحسب معدي الدراسة، وهم باحثون في كلية كارلسون للإدارة من جامعة مينيسوتا الأمريكية.

وأراد الباحثون قياس هذا الأمر لأول مرة في جميع التخصصات، بالاستناد إلى 45 مليون مقال علمي على مدى ستة عقود (من 1945 إلى 2010)، و3,9 ملايين براءة اختراع  من (1976 إلى 2010)، مستخرجة من قواعد البيانات العالمية بما فيها منصة Web of Science للمعلومات.

وبتوالي السنين، فندت أعمالهم الأوراق البحثية الأكثر اقتباساً، والطريقة التي يستشهد بها العلماء بعضهم ببعض، لتطوير "مؤشر للتغيير" يتيح تقدير ما إذا كانت مقالة علمية ما قد غيرت المعادلة أو ما إذا كان ابتكار تكنولوجي قد أحدث تبديلاً في مجاله.

ويميز الباحثون بين نوعين من الاكتشافات: من جهة، المساهمات التي تأتي لترسيخ "الوضع الراهن"، مثل الفائزَين بجائزة نوبل خون وشام (1965) اللذين استندا إلى نظريات موجودة لتطوير طريقة أصلية لحساب هيكل الذرات الإلكتروني.

ومن جهة أخرى، هناك الاكتشافات "التبديلية" التي تهز النظريات وتدفع العلم في اتجاه آخر، مثل العالمين واتسون وكريكس الحائزين جائزة نوبل واللذين أحدثا ثورة في علم الأحياء من خلال إظهار البنية الحلزونية المزدوجة للحمض النووي.

ويتراوح مؤشرهم من درجة سلبية -1 إلى درجة إيجابية +1. وبحسب حساباتهم، انخفضت نسبة هذا المؤشر بشكل كبير ومتواصل بين عامي 1945 و2010 للمنشورات (91,9%)، ما أثّر على العلوم الطبية والفيزيائية والاجتماعية أيضاً. كما سُجلت الملاحظة نفسها بالنسبة لبراءات الاختراع، مع انخفاض بنسبة 80%.

ويظهر الانخفاض على صعيد المفردات: فخلال العقود الأولى التي تمت دراستها، كانت الأفعال التي تعبّر عن الابتكار والاكتشاف هي السائدة؛ أما في العقود الأخيرة، فقد استُبدلت بكلمات تستحضر التحسينات أو التطبيقات.

بينما يقول المعد الرئيس للدراسة مايكل بارك: إن "هذا لا يعني أنه لم يعد هناك تقدم إضافي"، ويتابع: "أنه رغم حصول التقدم بصورة أبطأ، لا يزال هناك عدد ثابت إلى حد ما من الأعمال التبديلية في الاكتشافات الحديثة، مثل موجات الجاذبية في العام 2015 أو اللقاح ضد كوفيد-19 بتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال"، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.

لكن "النظام البيئي العلمي الصحي هو نظام تختلط فيه الاكتشافات التبديلية والداعمة. مع ذلك، فإن طبيعة العلم تتغير"، بحسب البروفيسور راسل فونك الذي أشرف على الدراسة.

أسباب التراجع

والسبب في ذلك يعود للثقل المتزايد للمعرفة التي يجب أن يكتسبها الباحثون والمخترعون، الذين يمضون وقتاً في التدريب أكثر من "دفع حدود العلم".

ويؤدي "عبء البحث" هذا إلى الاعتماد على "أجزاء متزايدة الضيق من المعرفة الموجودة"، وفق البروفيسور فونك.

وتوضح الدراسة، على سبيل المثال، الميل للاستشهاد المتزايد بالأعمال السابقة نفسها، وبالتالي نقص التجديد.

من العوامل الأخرى أيضاً، عامل يتمثل في الضغط من أجل "النشر أكثر فأكثر" لضمان النجاح الأكاديمي.

ويقول المؤرخ غير المشارك في الدراسة جيروم لامي: "تسارعت وتيرة السباق للنشر منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".

ويضيف لوكالة فرانس برس إن هذه الدراسة "تسلط الضوء على ميل عالمي يدفع الباحثين إلى تجزئة أوراقهم البحثية لتحسين مؤشر الأداء لديهم وإيجاد تمويل".

ويلفت لامي إلى أن هذه التجزئة في البحوث "تتسبب في تقليل أهميتها، مع الحد من المجازفة".

ولحل هذه المعضلة، تنصح الدراسة وكالات البحث الوطنية إعطاء الأولوية للجودة على حساب الكمية، وإتاحة المزيد من الوقت للباحثين للتفكير بعمق في الموضوعات الكبيرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق