سراج الدين محمد قطب: "آمناً في سربه" - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/30/2023

سراج الدين محمد قطب: "آمناً في سربه"

مشاهدة
سراج الدين محمد قطب

سراج الدين محمد قطب *

(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)

رُوي عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "من أصبح منكم آمناً في سربهِ، معافى في جسدهِ، عندهُ قوت يومهِ، فكأنما حيزت له الدنيا"، في هذا الحديث الجامع إشارةٌ واضحةٌ إلى القيمة التي يُمثلها الأمن في حياة الإنسان، فهو القاعدة التي تُبنى عليها حياة الفرد بأسرها.

والأمن الذي نتحدث عنه هنا هو الأمن بصُورهِ كافة، بدءاً من الأمن المادي عندما تتوافر فرص التعليم والعمل مما يضمن للفرد مساراتٍ واضحةٍ للترقي، وما يتبعه، بالضرورة، من أمن اجتماعي، إذ إن أحد أهم أسباب الصراع الاجتماعي بين أفراد المجتمع هو الإحساس بانعدام الأمان، والأبواب المغلقة في وجه طاقات الشباب المتفجرة الباحثة عن مسارٍ صحيح وجزاءٍ عادلٍ لسعيهم وكدهم.

ويجدر بنا الانتباه إلى أن الفساد الإداري والمالي يُؤدي أيضاً إلى انعدام الأمن في المجتمعات العربية، فهو يُغذي اليأس والإحباط في نفوس الشباب ويدفعهم إما إلى الصدام مع السلطة، أو التماهي مع بيئة الفساد ومجاراتها لتحقيق أي منفعةٍ فرديةٍ قصيرة الأجل، دون النظر إلى عواقب ذلك على المجتمع ككل.

والأمن هو الأرض الخصبة للإبداع والابتكار، إذ إن العقول المجددة والأفكار المحلقة تحتاج بلا أدنى شكٍ إلى سماءٍ مفتوحة، لا إلى أسوارٍ وقضبانٍ حديدية، ولنا في التاريخ عبرة، فنظرةٌ إلى التاريخ البعيد والقريب تُخبرنا عما يفعله غياب الأمن بالأمم والحضارات، فما تقدمت أمةٌ وازدهرت حضارتها إلا والأمن مستتبٌ بين أفرادها، والعكس صحيح.

ولكي يتحقق هذا، لا بد أن يترسخ في عقول وأذهان من في الجهات المعنية أنهم أفرادٌ كغيرهم من عامة الشعب، يأتمرون بأمره ويقومون على حمايته وأمنه، وهذه هي وظيفتهم التي انتخبهم المواطنون لأجلها، فإذا تحولت السلطة بأيديهم من أداةٍ لحفظ المواطن وأمنه إلى هراوةٍ لنشر الرعب والتهديد، حينها فقط تبدأ سلسلة الانهيار والتداعي مزلزلةً أركان المجتمع، ومنذرةً بما لا تُحمد عواقبه بسبب تفشي الخوف وضياع الأمن.

* بكالوريوس الهندسة الإلكترونية، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق