كريم صبحي علي: تراحموا يرحمكم الله - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/05/2023

كريم صبحي علي: تراحموا يرحمكم الله

مشاهدة
كريم صبحي

كريم صبحي علي *

ما أحوجنا اليوم إلى أن تسود الرحمة فيما بيننا، فالرحمة عندما تملأ القلوب تطرد جفاء القسوة وتبدله بالسَكينة والطمأنينة والود والمعروف، وكأن الرحمة هنا هي عبارة عن نهر من الماء العذب المنعش والذي قد تدفق فجأة في أرض صحراء جرداء تعلو سماءها شمس حارقة، فيأتي ذلك النهر العذب المنعش ليروي ظمأ العطشى من شدة حرارة الشمس الحارقة ثم يروي بعد ذلك تلك الأرض الجرداء لتُثمر بسنابل الخير وتُنبت زهور المحبة والسلام.

وسبحان الله عز وجل رب العرش العظيم والذي جعل من أهم أسمائه وصفاته الرحمن الرحيم لتَسع رحمته كل شيء في هذا الكون الواسع الفسيح، وعندما جاء سيد الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وقائدنا وقدوتنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وبُعث لينير العالم كله بنور الإسلام كانت رسالته تُنشر بالرحمة واللين والرفق وتجسد هذا في قول الله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وكان هذا تأكيداً على أن الرحمة هي المفتاح الذي يفتح أبواب القلوب والعقول وهي أيضاً الضمان الوحيد إذا أردنا رغد العيش وخير الدنيا وخير الآخرة.

ولكن وللأسف الشديد أصبحنا اليوم في بعض مجتمعاتنا العربية لا نتعامل مع بعضنا إلا بالقسوة والشدة والعنف وتناسينا تماماً كل معاني الرحمة والإنسانية في حياتنا اليومية إلا طبعاً من رحم ربي، وأصبح القوي يأكل الضعيف والغني يستعبد ويذِل الفقير والكبير لا يرفق بالصغير والشباب لا يحترمون الشيخ الكبير وحتى الحيوانات والنباتات لم تسلم من الأذى هي الأخرى، فكانت ضحية لبعض المرضى النفسيين من البشر، فأصبحت الحيوانات الضعيفة والتي لا يسمع أنينها إلا الله عز وجل مادة للتعذيب اليومي من أجل نشر بعض الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لحصد المشاهدات دون أخذ أي اعتبار للرحمة والشفقة.

والنباتات الخضراء هي الأخرى أصبحت تُقطع في كل مكان دون أي مراعاة للمظهر الجمالي ودون حتى أي مراعاة بأن هذه النباتات هي أيضاً عبارة عن كائنات حية تحتاج إلى الرعاية والرحمة والرفق واللين، ويبقى السؤال هنا لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من القسوة والشدة والعنف في تعاملاتنا وحياتنا اليومية؟ ولماذا انتشرت ظاهرة التنمر في ما بيننا دون أن تأخذنا أي رحمة أو شفقة بمن يُتنمَّر عليهم؟ ولماذا تناسينا أن الرحمة هي جوهر وقلب القوانين في كل العالم؟ لماذا أيها الناس أصبحنا لا نتراحم في ما بيننا؟ وإذا أردتم الإجابة عن كل هذه الأسئلة عليكم أن تتراحموا، تراحموا ليرحمكم الله.

وإذا أردت الرحمة فعليك بإطعام الضعفاء والمساكين على قدر طاقتك المادية، وإذا أردت الرحمة فعليك دائماً بإطعام الحيوانات والطيور وسقي الزرع والأشجار كلما استطعت ذلك، وإذا أردت الرحمة فعليك دائماً بإخراج الثياب التي لا تحتاجها وإعطائها للفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون شراء الملابس الجديدة، وإذا أردت الرحمة فعليك بالتطوع دائماً في أعمال الخير وإذا أردت الرحمة فعليك دائماً إخراج الصدقات والزكاة، وإذا أردت الرحمة فابحث دائماً عن الأطفال والأيتام والمرضى والمساكين وأدخل السرور على قلوبهم جميعاً، وإذا أردت الرحمة اجعل الحياة دائماً يسيرة وسهلة وميسرة على عائلتك وأسرتك وأهل بيتك، وإذا أردت الرحمة فهناك أشياء كثيرة جداً يمكنك البحث عنها وفعلها والقائمة تطول ولا تنتهي أبداً، وفي الختام لا يسعني سوى أن أقول لكم إن الرحمة هي أجمل وأصدق وأعظم شيء في الوجود، وبالرحمة سنكون سعداء، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
* دبلوم فني فندقي، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق