![]() |
شادية الشاطر |
شادية الشاطر *
(مسابقة أهمية القيم الإنسانية في بناء شخصية الشباب العربي، وتعزيز هويتهم العربية)
لكل منا مرجع ينتمي إليه، وكل منا يتكون من خليط من القيم والثقافات التي تعلمها منذ الصغر والتي ترجع في بدايتها لأهلنا وبيئتنا التي تربينا فيها، وما إن نكبر ويشتد عودنا حتى تتوسع تلك المصادر فتشمل الأصدقاء والإعلام، وحديثاً مواقع التواصل الاجتماعي.
تلعب القيم في مسيرة حياتنا دور المقوم لسلوكياتنا وتصرفاتنا فنعود لها في المواقف التي نمر بها لنستنبط الاستجابة اللائقة وانعدام وجودها يعني اضطراب التصرف لأنه سيكون خارج حدود مداركنا.
هذا بشكل عام، أما إن كنا سنتكلم عن أمتنا العربية وما بها من قيم وعائد فائدتها فالحديث يطول، نحن أمة ميزنا الله بتمام الأخلاق فقال رسولنا عليه الصلاة والسلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
فقد كان العرب مثالاً للمروءة والنخوة والكرم والشجاعة وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف.. إلخ وهذا ما أدى بهم لصنع حضارة راسخة في التاريخ.
ونحن اليوم في أمس الحاجة لمثل تلك القيم في ظل الحاضر المليء بالانحرافات والاضطرابات التي من أهم أسبابها انحلال القيم والأخلاق وعدم زرع المُثل في نفوس الأطفال ليتخذوها سلاحاً في وجه التطور السلبي في المستقبل. وإن كنا نربي أطفالنا لزمان غير زماننا فذلك لا يعني ضرب المبادئ الأساسية ونسفها من التربية، فتلك المبادئ بني عليها تاريخنا المشرف.
إن ابتعادنا عن ثقافتنا العربية هو أصل كل مأزق تمر به الأجيال العربية فقد ظهر لنا أخيراً شباب وبنات لا يعلمون معنى كثير من القيم وإن رأوا من يعلمها ويتمثل بها اتهموه بالتخلف والرجعية وبأنه لا يصلح لهذا الزمان ولا المكان، وبات منبوذاً بقيمه بعيداً عما يحصل، نحن في زمن بات فيه أهل الباطل يتشدقون بباطلهم ملاقين الكثير من التصفيق والدعم، وبات أهل الحق وحيدين نادرين ينادون ولكن ما من مجيب، فقد أسمعت لو ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي. نعم لا حياة في الباطل ولا حياة في زمن غوغائي فوضوي كل شخص فيه يغني على ليلاه من دون رادع أو ضابط. لا حياة في أمة تمشي هائمة دون هدف ودون نظام ودون منارة تهتدي بها، وإني لحزينة على أطفال تربَّوا بين يدي أهل لا يقيمون وزناً لقيمنا ولا يأبهون بها، فما ذنب طفل أن يؤخذ بجريرة أهل جاهلين بما يجب عليهم فعله وبما يحتاجه طفلهم في مراحل نموه المختلفة.
* بكالوريوس علم نفس، دبلوم هندسي، سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق