كشفت عملية تنقيب وقائية فرنسية عن بعض آثار نصب جنائزي روماني مليء بزخارف وبنحت يمثل الوحش البحري الأسطوري "تريتون"، الذي كان ضمن حوريات البحر كجزء رئيس في موكب آلهة البحر عند الرومان.
بحسب المتخصصين في علم الآثار، كان ذلك هو وحش البحر القديم، وقد ظهر في الأساطير الرومانية، لكنه عاد للظهور يوم الثلاثاء الماضي في منطقة أوفيرني الفرنسية ليسحر علماء الآثار، بحسب ما أعلنه المعهد الوطني للبحوث الأثرية الوقائية (إنراب) من أن هذه المجموعة القديمة المكتشفة غير المتوقعة تماماً قد أعادت السحر للاعبين الأثريين المحليين.
وتمثل القطعة المستطيلة المكتشفة التي يبلغ طولها نحو 65 سم، رجلاً ذا عضلات وملتحياً، ويرى من الأمام وذراعاه ممدودتان، وحتى الآن هذا شيء لا يثير الدهشة، إلا أن الجزء السفلي من الجسم هو على هيئة مجسين قويين تنتهي بهما الزعانف، وطبقاً لعلماء مهمة التنقيب، فهذا ليس نبتون ولا جوبيتر بل إنه تريتون الوحش البحري الأسطوري.
تشرح عالمة الآثار والمدير العلمي لعملية التنقيب التي أجراها معهد (إنراب)، ماري لوري تييري، أن العملية كانت عملية بحث روتينية للغاية، ثم في نهاية اليوم كانت لدينا مفاجأة كبيرة تتسق مع ما نردده دائماً من أنه من الجيد أن الاكتشافات المهمة لم تتم كلها بعد، وهو ما حدث، فقط اكتُشفت الكتلة التي تحتوي على مخلوق بحري خارق في الشتاء الماضي من قبل اثني عشر باحثاً، جرى التعرف عليه في حفرة محفورة على حافة منطقة التنقيب، حيث كان يوجد نحو عشرين كتلة من الحجر الرملي. ولكن بعد أسابيع قليلة فقط من انتهاء العملية كشفت مجموعة من بقايا شيء ما عديمة الشكل عن سرها.
و"بالتنظيف الدقيق بإسفنجة يكشف تدريجياً عن زخرفة منحوتة على سطح الجواهر المجمعة. وفجأة ظهر المخلوق البحري من جديد تحت أيدي علماء الآثار، وعند رؤية مثل هذا الكشف الرائع يظهر شيئاً فشيئاً، اعتقدنا أنها مزحة، لم نتمكن من تصديق أعيننا، إنها واحدة من تلك اللحظات التي اخترنا لها هذه المهنة أيضاً".
أكد بيان المعهد المتخصص في البحوث الأثرية أن هذا الاكتشاف ليس المثال الوحيد المحفوظ لهذا المخلوق في العالم، فقد احتُفظ بتمثيلات رائعة له على العديد من الفسيفساء وكذلك على كمية من النقوش البارزة، ولكن وجوده على هذه القطعة بهذا الشكل من النادر جداً اكتشافه، مما يجعله اكتشافاً استثنائياً في منطقة "أوفيرني"، فقد نُحت الشكل مع بعض "الاهتمام بالواقعية".
يؤكد المعنيون أن كتلة الحجر الرملي مع المخلوق الأسطوري ستكون جزءاً من بقايا نصب تذكاري أقيم في القرن الأول أو الثاني الميلادي، خصوصاً أنه قد عُثر على كتلة ثانية من حفرة تريتون، مخروطية الشكل ومزينة بزخارف نباتية، وهكذا قدمت دليلاً حاسماً في تحديد هذه المجموعة.
يتبقى الآن البحث عن المجهول الكبير الذي يكمن في مكان آخر، ألا وهو الموقع الأصلي للنصب التذكاري لذلك المعبد الجنائزي أو الضريح الروماني الذي بدأت بعض القطع الرئيسة منه تظهر للجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق