
حنان الريف *
يقال: "أمي كلمة صادقة قوية تنطق بها جميع الكائنات الحية طلباً للحنان، والدفء، والحب العظيم الذي فطر الله قلوب الأمهات عليه تجاه الأبناء".
بنظرة كلها حنين، وشوق للماضي كانت تسرد السيدة ثاميمونت لإحدى الفتيات داخل أحد الأزقة القديمة قائلة: كان زوجي الحاج أحمد رحمه الله نعم الأب، وخير الشريك، لم يتوان عن فعل المستحيل لأجل أسرته.
لم يحزني يوماً، بالعكس تماماً، كانت رؤيتي سعيدة مرتاحة إحدى أهم أهدافه في الحياة.
توقفت السيدة لوهلة، وكأن غصة عالقة من حديث تعجز عن إخراجه، أو ذكرى تعبر ذاك الرأس الذي ملأه الشيب، وخطوط زمن رسمت تضاريسها في وجه ما زال يبتسم رغم قساوة عالم تخلى فيه بعض من ساكنيه عن إنسانيتهم.
اقتربت الشابة من السيدة، متأثرة من حديثها قائلة: أكملي عمتي لم توقفت عن الحديث؟
اعذريني يا بنيتي لقد تذكرت إحضار زوجي في كل موسم لقطف الرمان أجمله، وألذه، لعلمه مدى حبي له.
وأحياناً لا يعلم الإنسان، وهو يسافر في قطار الذكريات أيضحك أو يبكي؟
فكما ترين بعدما كنت أعيش بكرامة داخل بيتي، أعيش الآن بين أزقة الشوارع.
بعدما كنت أبتسم، وأنا أتناول الرمان، أبكي الآن وأنا أبحث عنه في سلة المهملات أو بمعنى أصح على بضع من حباته الشهية.
يالها من كلمات أصابت قلب الفتاة في أعمق ما فيه.
أيعقل أن ترمى إنسانة كهذه وسط المجهول!
يحار القول حقاً في وصف بشاعة بعض البشر.
إنها الأم، التي أوصى بها إله الكون، ورضاها سر التوفيق في متاهات الحياة.
مرت سنوات طويلة، ما زالت صورة سيدة الرمان تمر أمام ذاكرة الشابة خاصة في موسم قطف الرمان.
اللهم احفظ أمهاتنا، وارحم الأموات منهن.
* هاوية لكتابة القصص، المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق