كريم صبحي: التعليم الفني والمهني ضرورة حتمية لتقدم المجتمعات - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/02/2023

كريم صبحي: التعليم الفني والمهني ضرورة حتمية لتقدم المجتمعات

مشاهدة
كريم صبحي

كريم صبحي *

أندهش وأستغرب كثيراً عندما أجد بعض الأسر في مجتمعاتنا العربية ترفض وبشدة أن يلتحق أبناؤهم وبناتهم بالتعليم الفني والمهني، بل وما قد يثير اندهاشي واستغرابي أكثر من ذلك هو عندما أجد مثلاً بعضاً من أولياء الأمور يشعرون بحزن وألم شديد بمجرد أن يعلموا بأن أبناءهم وبناتهم قد التحقوا بالتعليم الفني والمهني، وكأن التعليم الفني والمهني قد أصبح سُبة وعاراً على جبين الطالب! أو أنه نوع من أنواع العقاب مثلاً على أن الطالب لم يجتهد أكثر في المذاكرة من أجل دخول مرحلة الثانوية العامة بدلاً من التعليم الفني، فتجد ولي الأمر يلوم الطالب على أن مجهود الأسرة بالكامل قد ذهب أدراج الرياح، وأن كل ما قدمته ووفرته تلك الأسرة للطالب من تضحيات مادية ومعنوية قد ذهب هباءً منثوراً؛ ليشعر الطالب بأنه قد أصبح نكرة ولا شيء! وأن مستقبله كله قد انتهى قبل أن يبدأ أصلاً وأنه وبمجرد دخوله في طريق التعليم الفني والمهني فلن يحصل أبداً على مكانة مرموقة في المجتمع ليدخل الطالب بعدها في حالة من الحزن والضياع نتيجة تلك الأفكار الرجعية والهدامة والتي أصبحت لا تتناسب أبداً مع واقعنا الحالي.

التعليم الفني والمهني كان بمثابة مصباح علاء الدين، والذي انتشل دولاً كثيرة حول العالم من براثن الفقر والجهل والتخلف، فجعل تلك الدول في مصافِ العالم المتقدم، وكان ذلك بعد أن اهتمت تلك الدول الاهتمام الحقيقي والعادل بالتعليم الفني والمهني فأعطته حق قدره وخصصت له جزءاً كبيراً من الميزانية العامة، وجلبت له المتخصصين ليعملوا على تطويره بأدوات وأفكار تتناسب مع المُتطلبات الحديثة لسوق العمل، فكانت النتيجة تقدم وازدهار هذه الدول بفضل ما حققته من نهضة صناعية شاملة، ولذلك أصبح التعليم الفني والمهني قاطرة التنمية الحقيقية للخروج من أزمات كثيرة أصبحت تعيش فيها مجتمعاتنا العربية اليوم لنصبح نحن أيضاً بالمستقبل القريب في مصافِ الدول المتقدمة.

وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فسنجد مثلاً الآن بأن ألمانيا قد أصبحت مصنعاً كبيراً ينتج أشياء كثيرة جداً لا يستطيع سكان كوكب الأرض الاستغناء عنها، ولذلك أصبحت ألمانيا في مصافِ الدول العظمى، وهذا ناتج عن كونها قلعة صناعية كبرى لا يستطيع العالم الاستغناء عنها أبداً، وحدث هذا عندما اهتمت ألمانيا حق اهتمام بالتعليم الفني والمهني، فكانت هذه هي النتيجة المنتظرة والمرجوة، وناهيكم أيضاً عن دول أخرى عظمى مثل الصين واليابان وغيرها الكثير من الدول الصناعية والاقتصادية الكبرى، والتي نهضت نهضة حقيقية نتيجة الاهتمام بالتعليم الفني والمهني.

وفي الختام، أتوجه برسالة إلى السادة المسؤولين عن العملية التعليمية كافة في ربوع الوطن العربي الكبير أجمع، وأقول لهم: عليكم أن تهتموا بتطوير التعليم الفني والمهني بما يتناسب مع احتياجات أسواق العمل العالمية لتحقيق النهضة الصناعية والاقتصادية الكبرى والتي نتمناها جميعاً لكل دولنا العربية، وأقول أيضاً إلى كل أولياء الأمور في مجتمعاتنا العربية إن التعليم الفني والمهني ليس أبداً دليلاً على فشل أبنائكم الطلاب؛ بل بالعكس تماماً فهو سيفتح لهم فرص عمل عدة وآفاقاً جديدة في المستقبل ستجعلهم في أماكن ومناصب مرموقة في يوم من الأيام؛ ولذلك أنصحكم وأنصح نفسي بأن التعليم الفني والمهني هو الضرورة الحتمية لتقدم جميع الدول العربية.

* دبلوم فني فندقي، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق