![]() |
ملك خالد محمد |
ملك خالد محمد *
(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)
هي بالأصل شجرة، لها جذور في جوف الأرض، وتصل فروعها عالياً، ربما تستطيع إحدى الأوراق أن تلمس حدود السماء، وقد يستطيع بعضها أن يقتطف نجوماً متناثرة في الليل، ثم تتوالى الأيام، فتسقط تلك الأوراق من أعلى السماء، فتصير وقتها ملاصقة لجذع الشجر في جوف الأرض، فتبدوان كأنهما جاءا في وقت واحد، لا يستطيع أحد وقتها أن يقدر عمرهما الاثنين حتى وإن اختلف بينهما أيام وسنوات وقرون.
غضبت الشجرة يوماً، مالت واشتكت إلى جارتها في المكان نفسه، إن حرارة الجو باتت خانقة، وإن ذلك المطر العربي بات يزحف بشدة بين الأوراق، فتسقط عنوة في الأرض، ولا تسمح لها رطوبة الأرض العربية أن تنبت لها أوراقاً أخرى، إلا بعد مرور فصل آخر
غضبت الشجرة، فقررت الرحيل.
في البداية حاولت أن تقتطع تلك الجذور بعيداً عن جوف الأرض، فمالت واستكنت في البداية، ثم صعدت فجأة، لم تستطع، ثم قررت أن ترحل بدون أقدام.
في البداية حاولت أن تميل إلى أغصان الأشجار الأخرى، فتحركت إلى مكان بعيد، ثم تظن نفسها أنها وصلت، تفرح، فتقرر أن تترك تلك الأغصان الأخرى وتعيش، كما تعيش تلك الأشجار ذات الأوراق الحرة البديعة، فقامت من بينهم، لماذا رفضتها تلك الأرض الغريبة؟ دفعتها بعيداً فسقطت على الأرض، بكت الشجرة يومها مرتين، مرة لأنها تركت جذورها في جوف الأرض، والمرة الثانية عندما سقطت أوراقها جميعاً عند الرحيل.
نسمع القصة ونفكر، ما الذي فعلته بنا الأيام؟ منذ أكثر من قرنين من الزمان، بات عنصر الأمان في الأوطان العربية ينحل ويفنى، وربما حان الوقت الآن لكي ندرك هذه الأمور ونزيدها ببعض الوسائل، فتعيد بث الروح العربية؛ ليطمئن القلب العربي المضطرب الخائف، فلا يضطر يوماً أن يرحل ويترك جذوره في جوف الأرض.
* طالبة جامعية، تخصص طب بشري، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق