زين العابدين الضبيبي: ما قيمة الشِعر إن لم يكن أغنية في فم مغتربٍ أو حجر أساسٍ لبناء مدرسة - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/05/2023

زين العابدين الضبيبي: ما قيمة الشِعر إن لم يكن أغنية في فم مغتربٍ أو حجر أساسٍ لبناء مدرسة

مشاهدة

زين العابدين الضبيبي

صنعاء: محمد حمود الحميري

 يقدم لنا الشاعر زين العابدين الضبيبي ذاته الشعرية المتقدةَ بجذوة الإبداع، بقصائد باذخة الجمال، رخيمة المعنى، مكثفة الدلالة، مسكونة بعنفوان الحب والجمال، تواقة للسلام والسماحة، مفعمة بالقيم الإنسانية. وذلك في هذا الحوار الذي أجرته معه "باث أرابيا":

*يقال إن القصيدة خلقٌ أدبي، وإن الكتابة لحظة مخاض، ما يعنى أن القصيدة لا بد أن تمر بأطوار عدة كالجنين، فهل يتفق الشاعر مع هذا القول؟
هذا صحيح القصيدة تولد من فكرة، أو من لمحة تلتقط موقفاً، أو شعوراً معيناً، ثم تتنامى حتى تصل لصيغتها النهائية.

*يظل الشاعر مشدوداً لفطرة الطفولة، لذا تتجلى له الحقيقة دون حجب، فداخل كل شاعر طفل، فهل الطفل الذي يسكن أعماقك شقي أم مدلل؟
الشعراء أطفال دائماً، الطفل يعبر عن حاجته للدلال بالشقاوة ليلفت الأنظار إليه. فالطفولة هي روح الشعر والتعبير عن النقاء، كما أن فتوة الشعر تكتسب بالخبرة، وتقادم العمر والتجريب والثقافة حتى يصل الشاعر إلى سن الحكمة والنضج.

زين العابدين الضبيبي

*ينقسم الشعراء من حديث نظرتهم للأدب إلى صفين: الأول ينظر للأدب كرسالة تهدف لنشر ثقافة الحب، الجمال، الحرية، التسامح، السلام، القيم الإنسانية، والثاني ينظر للأدب فن لذات الفن، إلى أيّ صف ينحاز زين العابدين الضبيبي؟
لاشك أنني أقرب إلى الصف الأول، و باعتقادي أن الشعر قيمة ورسالة وسلاح، وأصدق تعبير عن الإنسان في كل زمان ومكان، فما قيمة الكلمة إن لم تكن: رصاصة في صدر قاتل، أو معولاً في يد فلاح، أو أغنية في شفاه مغترب، أو قلادة في عنق زوجة شهيد، أو حجر أساس لبناء مدرسة، أو دبابة لاستعادة وطن. كما أن القيمة الجمالية التي يسعى خلفها شعراء الصف الثاني كما وصفتهم مهمة، فهي التي تخلد الشعر، بمعنى أن عبقرية التعبير عن القيم الإنسانية، والقضايا الوطنية بلغة شعرية مميزة وسهلة هو ميدان الاختبار لتفوق الشعراء، وسفرهم عبر الأزمنة، مع تجنب إغفال التعبير المباشر إن تطلب الأمر التعبير عن هموم الناس في اللحظات المصيرية من حياة الشعوب.

*لكل كاتب طقوسه الخاصة التي يمارسها لحظة الكتابة، حدثنا عن طقوسك.
الطقس الحقيقي هو الصدق واكتمال الفكرة، أو انفتاح بوابة الرؤيا والإمساك ببرق الإلهام، وتحويله إلى مصابيح صغيرة موزعة في ثنايا السطور بشكل يجعلها أكثر ترتيباً، وتحويل هذا البرق أو الومض من مجرد ضوء خاطف يأتي ويذهب سريعاً إلى مصابيح دائمة الإنارة. فالبرق ليس له مواعيد... لكن الأهم أن يكون الشاعر مهيأً نفسياً وذهنياً، في حالة تسمح له بإمساك ذلك البرق الذي يتجلى في أفق مخيلته، ذلك ما يتطلب قليلاً من العزلة والهدوء والتأمل.

بوجهة نظرك ما هي أبرز المعوقات التي تقف في وجه الشباب المبدع في اليمن؟
كل ما يعيشه شباب اليمن حالياً هو معوقات، ومع ذلك لم تكن طريق المبدعين ممهدة يوماً ما، فالمبدع الحقيقي يستطيع أن ينتزع فرصته، ليشق طريق تفوقه، مهما كابد من أوجاع ومصاعب. قليل من المرونة في التعامل مع الحياة والفرص، وقليل من الذكاء في استغلال تلك الفرص، والكثير من القراءة والتعب… حينها ستكون الأمور جيدة. فلو قارنا ما يعانيه جيلنا مقابل معاناة من سبقونا فإن ما يتوفر لنا من فرص أكثر وفرةً منهم، ويكفي أن نطلع على قصص كفاحهم من أجل الحصول على كتاب، أو من أجل نشر ما يكتبون، فهذا لا يعني أننا في نعيم، فقد أثرت الحرب على كل شيء، وفي مقدمتها الثقافة والإبداع، وأغلقت الأبواب في وجوه أصحاب هذه الحرفة وحرمتهم الكثير من الحقوق والفرص، وأقلها فرصة إحياء الفعاليات والأنشطة وانتهاءً بصعوبة المشاركات الخارجية.

*ما هي المسؤلية التي تقع على عاتق المثقف والأديب للرقيّ بالمشهد الثقافي؟
الإيمان بدور الثقافة الأدب ورسالته، والعمل على الاقتراب من قضايا المجتمع والتعبير عنه، وتطوير الذات وعدم الاستسلام للظروف، والإحباط والنظرة السوداوية التي تفضي إلى العجز والخمول.

*ماذا تمثل القراءة بالنسبة للشاعر زين العابدين الضبيبي؟
رأس مال المبدع، وكنز الإنسان الذي ينمو ويتضاعف كلما قرأ كتاب، والثروة الحقيقية التي لا يسلبها أحد منه، أو يبددها من ورثته، وحده من يتصرف بها، ويكبر بها في عيون الناس، ولا مجال للإفلاس، أو خسارة ما كسبه منها.

زين العابدين الضبيبي


شربتُ من المَعنى على قدرِ حاجتي. :: وشذَّبتُ من شوكِ الخرافاتِ باقتي

أمرُّ على النجوى بروحٍ أنيقةٍ :: وأطوي ضجيجَ القبحِ خلفَ ابتسامتي

لأنَّ النَّدى أهدى مِن الماءِ كنتُه :: وكوَّنتُ مِن طَلِّ البَراري غَمامتي 

وتَمَّمتُ قلبي بالضحى كي أصونَهُ :: مِن الليلِ، خوفاً مِن سمومِ العداوَةِ

هو الحبُّ قالَ اللهُ: واستعصموا بهِ :: فَطرَّزتُهُ ثوباً بَهِيَّاً لِقامَتي

فلم تَرَ مني الناسُ إلا ثمــارَهُ :: ولم أرَ منهم غيرَهُ في علاقتي 

وإن ساءَني في الناسِ طبعٌ سَتَرتُهُ :: بعينِ الرضا، كي لا يَرى الناسُ عاهتي

أُؤَثِّثُ روحي بالأماني، وأقتفي  :: خُطى الحلمِ، لا أخشى انكسارَ النهايَةِ

ولم أسأل المَولَى سِوى أن يُحيلَني  :: إلى قَشَّةٍ مَرجُوَّةٍ للسلامَةِ

ولم أخشَ شيئاً غيرَ يومٍ يمرُّ بي :: ستُفزعُ خَطوي دونَ قصدٍ حمامتي

رَضيتُ مِن الدنيا بفَرْحٍ و كَرمَةٍ :: أُعَتِّقُ من أفراحِ يَـــومي مُدامتي

وأَكرَهُ منها الحربَ عَن أيِّ فكرةٍ :: سَماويةٍ مَحفوفةٍ بالقَدَاسَةِ  

وما دامَ ظني بالسَّـمــــا لا يَخـونُني ::  سأمسِكُ منها بالرَّجا في القيامَةِ

وأسري بأنفاسي إلى اللهِ مُوقِناً :: بأنَّ لديهِ غايتي قبلَ غــايتِي


السيرة ذاتية للشاعر

زين العابدين الضبيبي، شاعر يمني شاب، من مواليد العام 1989. تخرج في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة صنعاء. صدرت له ثلاثة دواوين، أحدها بالعامية، واثنان بالفصحى هما: "قطرة في مخيلة البحر" و"توقٌ إلى شجر بعي

حصل الضبيبي ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺋﺰ ﻣﻨﻬﺎﺟﺎﺋﺰة الدولة للمبدعين الشباب للعام 2013. جائزة شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح 2015. ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻠﻰ الجمهورية في ﻣﺴﺎبقة ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺼﻴﻔﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ2008. جائزة ولقب شاعر الغزل في برنامج صدى القوافي على قناة اليمن الفضائية،2008م.

شغل منصب رئيس ومؤسس مؤسسة فكر للثقافة والتنمية "منظمة مجتمع مدني، كما كتبت عن شعره العديد من الدراسات النقدية، وتُدرَسُ بعضاً من قصائده في مقرر اللغة العربية في بعض الجامعات اليمنية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق