طارق الدياسطي: "ربما مقعد في الصف الأول" - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


1/31/2023

طارق الدياسطي: "ربما مقعد في الصف الأول"

مشاهدة
طارق الدياسطي

طارق الدياسطي *

(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)

كانت هذه إجابة أحد الشباب المتفوقين أثناء تكريمه بمؤتمر (متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي) عند سؤاله الأول على منصة التكريم: بماذا تحلم؟

وما بين اندهاش بعضهم، وصدمة الآخر قال بابتسامة خفيفة: نعم.. ربما مقعد واحد حقيقي بالصف الأول هو حلمي.

وعند سؤاله الثاني: ما التحديات التي تواجه الشباب اليوم من وجهة نظرك؟

أجاب بقوة وحزم لفت انتباه الحضور: إن أخطر تحدٍ يواجه الشباب اليوم هو تحدي الإحباط الناجم عن اليأس من تحقيق الحلم في زمن الحقيقة وضياع الأمنيات.

وعند سؤاله الثالث والأخير: لمن تهدي هذا التكريم؟

أجاب بهدوء وثقة: أهدي هذا التكريم إلى جميع الشباب من المحبطين أصحاب الأحلام المجهضة، والأماني الضائعة، والفرص المفقودة، والقيود المفروضة على الحلم ولو حتى بمقعد بالصف الأول.

تلك الإجابة التي أثارت غضب الحضور حتى ضجت القاعة بأصواتهم المستنكرة والمطالبة بسرعة تنحيه عن المنصة.

فما كان من رئيس المؤتمر إلا أن تدخل موجهاً حديثه إلى الجميع بصوت مرتفع:

أيها السادة: لقد استمعت بصبر شديد لكلمات الجميع ولعل هذا الشاب هو الوحيد الذي أصدقنا القول دون مواربة، لقد استحوذنا نحن الكبار دائماً على جميع المقاعد بالصفوف الأمامية، ولم ندع للشباب سوى آخر الصفوف فلا يصلهم منا سوى صدى كلماتنا تتردد على مسامعهم من بعيد ولا يصلنا منهم من خبر!

مثلما انفردنا نحن أيضاً بالتفكيرعنهم، والتقرير لهم، ورسم الخطط، ووضع البرامج، وتنفيذها دون الرجوع إليهم أو مشاركتهم أو حتى الاستماع على مضض مثلما نفعل الآن لوجهات نظرهم، وأفكارهم، واحتياجاتهم، وطموحاتهم، وأحلامهم.

صدقاً، إن أهم متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي لن تتحقق إلا من خلال إتاحة الفرص الحقيقية أمامه للتعبير عن الرأي، والتمكين، والمشاركة الفعالة في التفكير، والتدبير، وتحمل الأعباء.

هذا المشهد ربما حدث بالفعل، وربما أيضاً لم يحدث بعد لكنه في جميع الأحوال لن ينفي مشروعية أن يحلم الشباب العربي بـ(مقعد بالصف الأول).

* مهندس معماري، كاتب، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق