محمد صلاح النيداني: التأثيرات الخارجية على المجتمع العربي - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/01/2023

محمد صلاح النيداني: التأثيرات الخارجية على المجتمع العربي

مشاهدة

محمد صلاح النيداني

محمد صلاح النيداني *

(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)

يمر المجتمع العربي مثل غيره من المجتمعات الإنسانية الأخرى بمرحلة التحولات السريعة والمتلاحقة التي شملت مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في ظل النظام العالمي الجديد، وأصبح من الضروري الحفاظ على الذاتية الثقافية والارتقاء بالفكر والسلوك الإنساني في المجتمع المصري، لمواجهة الغزو والهيمنة الثقافية التي تستهدف الشباب وتفقده القدرة على الشعور بالاستقرار والأمان في جميع جوانب الحياة.

تعريف الأمن:

فالأمن يمثل مجموعة الإجراءات والنظم التي تحقق السلامة والطمأنينة والحماية والحرية وغيرها للفرد والمجتمع معاً، ويذهب بعضهم إلى أن الأمن يمثل التدابير الكفيلة بحفظ النظام السائر على سنن الله وضبط العلاقة بين الناس على نحو عادل ومتوازن، حتى ينخرط المواطنون جميعاً في خدمة الأهداف والغايات المشتركة دون تثبيط أو إزعاج.

أهمية الأمن الثقافي لدى الشباب:


أشارت دراسة "جمال عليان 2005" إلى ضرورة الحفاظ على التراث الثقافي والهوية الوطنية في ظل تحديات العولمة، حتى يتحقق أمن الشباب في جميع مجالات الحياة، بخاصة الأمن الثقافي للوقوف ضد الغزو والهيمنة الثقافية.

تحقيق الأمن الثقافي يُسهم في بناء المواطن الصالح، ويحميه من كل التيارات الوافدة والأفكار الهدامة، ومن التطرف والإرهاب والعنف السياسي، ويجعله قادراً على المشاركة الفعالة في تنمية المجتمع.

تحقيق الأمن الثقافي يأتي على رأس العوامل التي تحمي الشباب من السلوك الاجتماعي غير المرغوب فيه مثل (أفلام الجريمة - العنف - الجنس وغير ذلك)، وكذلك السلوكيات الغريبة الفاسدة والهدامة.

مقومات الأمن الثقافي لدى الشباب:

1-الدين: يمثل الدين الصلة بين الإنسان وربه، وينظم أوثق علاقة بين السماء والأرض، فإن أشرف ما في الأرض الإنسان، وأشرف ما في الإنسان قلبه، وأشرف ما في القلب الإيمان بالله خالق الوجود وواهب الحياة، فالدين هو الذي يوجه إلى إرادة الخير وكراهة الشر، وهو الذي يغرس في النفس الإنسانية الأمن والطمأنينة وحب الحق والعدل.

يحقق الدين الأمن والاستقرار في الحياة، كما يساعد الفرد على تقبل مجتمعه ومواجهة مشكلاته والعقبات التي تواجهه في الحياة.

2- اللغة: فاللغة نظام عرفي مكون من رموز وعلامات يستغلها الناس في الاتصال ببعضهم بعضاً وتحقيق التعاون في ما بينهم، وفي التعبير عن أفكارهم وتصوراتهم ورغباتهم وانفعالاتهم التي تصدر بطريقة إرادية، كما أن اللغة منهج ونظام للتفكير والتعبير، والاتصال والتفاهم ونقل الأفكار، وهذا يعني أنها منهج للتعليم ونظام لحفظ التراث الثقافي عبر الأجيال.

اللغة نظام لحفظ التراث الثقافي، حيث تعد اللغة طريقاً للحضارة، وتمكن الإنسان من حفظ ثقافته وتفكيره عبر الأجيال.

3- التراث: لكل أمة تراثها الحضاري والثقافي الذي يمثل ذاكراتها التاريخية أو سجلها الحي الذي أودعته تجاربها وخبراتها في حياة ممتدة بامتداد العصور، وينتقل بالتعليم في شكل عقائد ولغة وعلوم وآداب وفنون وتقاليد، لكنه لا ينتقل إرثاً جامداً ثابتاً، بل ينتقل في صيرورة أو تشكل حيث يخضع لروح العصر ويستجيب لمتطلباته.

فالتراث هو المخزون الثقافي والمعرفي، وهو الرصيد الفكري والأيديولوجي لمعطيات العقل والسلوكيات للفرد والجماعة، ويدخل ضمن هذا المخزون والرصيد كل أشكال الثقافة والحضارة عبر العصور.

وقد أسهمت الحضارة العربية الإسلامية في إثراء الحضارة البشرية في مجالات العلوم الطبية والكيمياء والرياضيات والفيزياء وعلم الفلك، وعلم التكنولوجيا والجيولوجيا وغيرها من العلوم المختلفة.

4- الانتماء: فالانتماء للوطن يظهر في اندماج الفرد فيه، ويشعر بالاعتزاز والفخر به، ويكون ملتزماً ومحافظاً على أمنه واستقراره ومعتزاً بهويته وذاتيته الثقافية من خلال التمسك بالقيم والتقاليد النابعة من ثقافة هذا الوطن، ويعمل على حمايته من كل ما يهدد الوطن من مظاهر الغزو الفكري والثقافي في ظل النظام العالمي الجديد.

5-المواطنة: المواطنة في أبسط معانيها تعبر عن علاقة الحب والولاء والإخلاص والانتماء التي تربط بين المواطن ووطنه، كما أنها تعبر عن التعلق أو الارتباط الروحي والنفسي بين الفرد وبين وطنه ومواطنيه، حيث تربطهم به علاقات وروابط لُغوية وثقافية وروحية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وبقدر هذا التعلق أو الارتباط يكون إخلاص المواطن لوطنه.

وهناك دواعٍ أدت إلى ضرورة تنمية المواطنة من أجل تحقيق الأمن والانتماء القومي في ظل النظام العالمي الجديد، منها:

1- شيوع مظاهر الخلل والاضطراب في سلوكيات الشباب.

2- بروز مشكلات اجتماعية سلبية ضد المجتمع مثل التطرف والإرهاب والإدمان واللامبالاة والتعصب؛ ما يؤثر على تحقيق الأمن العام في المجتمع.

3- اهتزاز منظومة القيم الأخلاقية على حساب المواطنة في زمن العولمة وتحدياتها.

العوامل الخارجية التي تهدد الأمن الثقافي لدى الشباب:

والمتمثلة في العولمة، والتغريب الثقافي، والثورة التكنولوجية والمعلوماتية، والبث المباشر، والإنترنت، والتبعية في التعليم.

العوامل الداخلية التي تهدد الأمن الثقافي لدى الشباب:

والمتمثلة في التفكك الأسري والمشكلة السكانية والبطالة والأمية والهجرة الداخلية، فكل هذه العوامل تُؤثر وتهدد الأمن الثقافي لدى الشباب.

أهم عوامل تهديد الأمن الثقافي لدى الشباب:

1- العولمة: من أهم أهداف العولمة الثقافية هو خلق ثقافة عالمية قائمة على توحيد الأفكار عالمياً، وتشكيك الأمم في عقائدها وحضاراتها وقيمها الإنسانية، وإخضاع العالم لثقافة واحدة في عالم بلا حدود ثقافية، وهذا يمثل تهديداً واضحاً للأمن الثقافي لدى الشباب المصري والعربي، ويعمل على فقدان الهوية والذاتية الثقافية لدى الشباب، وقد أشارت العديد من الدراسات والبحوث إلى خطورة العولمة على الثقافة بصفة عامة، وإعاقة تحقيق الأمن الثقافي لدى الشباب بصفة خاصة، ومنها:

2- التغريب الثقافي: يستخدم مفهوم التغريب الثقافي ليعبر عن تبني تصورات الفكر الغربي ومعاييره، والدعوة إليها واعتبارها أسساً لإقامة الحياة في مجتمعنا على غرار السياق الأوروبي أو الأمريكي، بدعوى اللحاق بالغرب ومدنيته.

3- البث المباشر (القنوات الفضائية): يعد الإعلام من أحدث وسائل الغزو الفكري والثقافي، وتعد الأقمار الصناعية الموجة الثالثة من ثورة التكنولوجيا، حيث أدى ذلك إلى ازدياد القنوات الفضائية في جميع أنحاء العالم

دراسة "إبراهيم بن عبدالعزيز بن حمد الدعيلج 2004" التي أوضحت العديد من التحديات التربوية والتعليمية للبث الفضائي والتي منها: التحديات العقيدية والتحديات الثقافية والعلمية والتحديات الأخلاقية.. بالإضافة إلى شبكة الإنترنت، وهي محفوفة بالمخاطر بقدر ما بها من فائدة مرجوة في مجالات الحياة المتعددة، فمن خلال ما تتضمنه شبكات الإنترنت من كم معرفي ومعلوماتي يمكن أن يمثل تهديداً للأمن الثقافي لكثير من المجتمعات، فبعض الدول الغربية تستطيع أن تشن حروباً معلوماتية على دول أخرى، بغرض تحقيق السيادة الفكرية والثقافية، فلابد أن ننتقي منها ما يخدم فكرنا وثقافتنا العربية.

فهذه الآثار السلبية تؤثر على الأمن الثقافي من خلال القيم والمعايير السائدة في المجتمع والانحراف الأخلاقي وإدمان الشباب المخدرات، إضافة إلى تهديد اللغة العربية لغة القرآن الكريم.

الخاتمة:

يجب على الدول العربية أن تسعى لحماية الفئة الشبابية عن طريق نشر الوعي لأنه هو السبيل الأقوى في مواجهة كل أنواع الانحراف والتطرف سواء في الأخلاق أو الدين أو العادات والتقاليد العربية الأصيلة ويجب على الدول الاهتمام بالشباب لأنهم هم أساس تقدمهم واستمرار وجود العرب.

* بكالوريوس آداب، مهندس مساحة ونظم المعلومات الجغرافية، مصر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق