بعض الأوطان مقابر مؤجلة وتوابيت متنقلة بين أرصفة الخوف والفزع، والشباب فيها موتى محتملون، أو مؤكدون، ينتظرون في طوابير القدر.
هذه المقدمة ليست حديث نفس متشائمة ولا بوح قلب يائس، بل هي واقعٌ يرزح تحت ظلماته جيل يملك مفاتيح المستقبل وأمل الغد الضائع، جيل يشعر بالخوف والضعف ضمن حدود وطنه الضيقة وفي أحسن الأحوال بعدم الارتياح، ويريد أن يحقق أحلامه داخل أرضه لا في بلاد الاغتراب وأن يصبح العيش الكريم حقاً مكتسباً لا حلماً مستحيلاً.
إن الشباب العربي اليوم يريد الأمان السياسي والاجتماعي والاقتصادي، يريد أن يحظى بطبابة جيدة، وعلم جيد وفرص عمل تتيح له المساهمة في بناء وطن يحلم به يوماً ما، ويريد أن يشعر أنه قادرٌ على التعبير عن آرائه بحرية دون أن يشعر بالخوف.
وإذا استثنينا دول الخليج، فكونك ولدت في دولة عربية فهذا يعني أن راتبك الشهري يؤمن لك كلفة النقل إلى عملك مع وجبة واحدة يومياً ليس إلا، وهذه هي أجلى صور الخلل.. أنت تعيش لتعمل ولا تعمل لتعيش.
وعلى صعيد آخر من هذا المشهد، فإن الاضطرابات صارت حديث الساعة في الأسواق والمقاهي والبيوت، وفوهة البركان تبث الرعب في قلوب الجميع بمن فيهم الشباب الذين يعيشون في صراعات ما قبل الصراع، وحروب مصغرة تسبق الحروب الكبيرة التي إن حصلت فستبدد آمالهم بالمستقبل الذي يحلمون به، وبالإمكان رؤية النماذج من حولنا جلية في عدد من الدول.
كلنا اليوم نعيش في دوامة من القلق والخوف، خوف على المستقبل من المجهول الذي ننزلق فيه مرغمين ولا عقول تعي حجم التردي والتقهقر الذي نعيشه في كل المجالات. ولذلك فإننا اليوم أمام مصير أمة، وعلى مفترقٍ خطير في تاريخنا الحديث، فإما أن نكون أو لا نكون، فهذه الأمة لم يكتب لها أبداً أن تعيش على هامش التاريخ.
* بكالوريوس أدب عربي، لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق