الحسين أوطالب: البحث عن الأمن في دهاليز المجتمعات العربية - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/04/2023

الحسين أوطالب: البحث عن الأمن في دهاليز المجتمعات العربية

مشاهدة
الحسين أوطالب

الحسين أوطالب *

(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)

تتوالى الأجيال ويُتَوارثُ البحث عن الأمان في زمن تطور مهددات الأمن في أوساط الشباب العربي.

ومن أجل توفير الأمن والعيش في أمان لجأ الإنسان منذ القدم لابتكار أساليب وطرق من شأنها حمايته من مختلف ما يهدد سكينته وسلامته الصحية والجسدية وكذلك النفسية... إلخ

ويعد مفهوم الأمن نسبياً نظراً لاختلافه من مجتمع إلى آخر حسب الطبيعة والظروف السائدة في كل مجتمع على حدة، كما أنه يتغير ويتأثر بالتطورات والأحداث التي تعيشها المجتمعات، فمثلاً لو سألنا شاباً يعيش في مجتمع يعاني الحروب والصراعات عن مفهوم الأمن فسيجيب بأن مفهوم هذا الأخير يتلخص في العيش بسلام وفي أمان بعيداً عن الفتن وسفك الدماء.

وإن استفسرنا شباب مجتمع يعيش المجاعة وقلة الطعام عن مفهوم الأمان، فإجابته بالكاد ستتمحور حول توفير الأمن الغذائي. وهكذا دواليك، فكل ينشد ويبحث عما ينقصه.

لذلك لا يمكن تجاهل تأثير أوضاع المجتمعات العربية على أمن شبابها وأمانه، فالإنسان ابن بيئته، فكلما تطورت وتحسنت الأوضاع داخل هذه البيئة يتأثر ويتحسن معها سلوك وشخصية ونمط حياة من يعيش فيها، والعكس صحيح، فكما قال ابن خلدون "الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها"، لذلك فالأوضاع المزرية داخل المجتمعات تساهم في انحلال أخلاق الشعوب، ما سيؤدي إلى فساد جل مكونات المجتمع، وبالتالي سيادة الفوضى واللاأمن.

ويرتكز المفهوم الشامل لمصطلح الأمن المؤدي لترسيخ الأمان على مجموعة من الفروع القابلة للزيادة أو النقصان نظراً للتطورات التي تعيشها البشرية، ويمكن اعتبار مختلف هذه الفروع مكملة لبعضها بعضاً، تنبع وتصب وتؤثر جميعها في الأمن النفسي لدى الشباب.

ولعل أبرز ما ينشده الشباب العربي هو الأمن القومي، الأمن الغذائي، والأمن الاجتماعي بكل تلاوينه، إضافة إلى الأمن النفسي الذي يعد أساس ومنبع طمأنينة وأمان الشباب، ويمكن تقسيمه إلى فطري متوارث ومتناقل عبر التركيبة الجينية والتكوين البيولوجي، وآخر مكتسب من مختلف تجارب الحياة.

وبشكل لا شعوري وغير مباشر يسعى المرء لتحصيل وتحقيق الأمن النفسي الذي يعد بمثابة الحجر الأساس والقاسم المشترك لدى كل الشباب، كما أنه -الأمن الداخلي والنفسي- هو منبع كل الرغبات التي عبرها يجري التعاطي والتعامل مع مطبات الحياة واحتياجاتها في سبيل السعي وراء تحقيق المنشودات والأهداف التي من شأنها ترسيخ الأمان في الحياة، ما سيمكن الشباب من العيش بسلاسة وهدوء، وهذا ما سيدفعه للتأثير في أمن محيطه وأمان مجتمعه كل حسب قدرته واستطاعته، واهتماماته وميدان اشتغاله.

لذلك فمتطلبات تحقيق الأمن كثيرة خصوصاً مع التطور الصناعي والتكنولوجي الذي تعرفه المجتمعات العربية، ما أدى إلى ظهور مهددات أخرى للأمن، وتزداد حدة هذه المهددات خصوصاً في الدول الفقيرة والنامية بما فيها مجتمعاتنا العربية، وتمس هذه المهددات بالأساس وبدرجة أولى فئات الشباب لما لهذه الفئة من أهمية في حركية ودينامية المجتمعات.

لذلك ومن أجل استتباب الأمن ونشره وتعزيز الأمان في صفوف الشباب، وجب على المجتمعات العربية الاستثمار في التربية والتكوين، وترسيخ مبادئ المواطنة والإنسانية والانتماء، ما سينتج عنه جيل واع ومسؤول يعمل ويساهم من موقعه في توفير متطلبات مجتمعه من ضروريات حياة ملؤها الأمن والأمان. ويساهم في تكوين الأجيال القادمة وحثها على المضي في التوجه نفسه وتطويره.

* تقني في الصناعة الغذائية، مجاز في القانون الخاص، المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق