![]() |
يسرى الغازي |
يسرى الغازي *
(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)
الشباب قوة الحياة وطاقة الأمة الأكثر استدامة، وتأهيل المادة الرمادية عندهم شرط أساس لمجتمع صالح وتنمية ناجحة وعالم متآخ، إلا أن حديثاً كهذا لا يخلو من الـ"لكن"، والذي ينصب أمامنا حواجز لتخطيها؛ أولها الأمن كحاجة ومتطلب أساسي لمراعاته، ومن ثم، فالمنطلق الأول لهذه العملية يبدأ بصناعة الأمن الفكري.
المجتمع مرتع للثقافات والأفكار، وعندما يستطيع أفراد المجتمع كافة الاطمئنان على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية، نستطيع الحديث عن سيادة أمن فكري. وبذلك فاستهدافه هو استهداف لخلفية الشباب الفكرية التي تمر بمخاض لإنجاب طاقات هائلة، يحاولون تشويه مسارها وتوجيهها نحو مسالك خاطئة؛ يتخبط فيها الشباب دون هوادة.
وهنا تظهر الجامعات كجزء من المنظومة التربوية للمجتمع، والتي تحتضن الشباب في أكثر فتراتهم حرجاً، حيث يسطرون الملامح الأولى لمرجعيتهم الثقافية التي تحدد هويتهم الفكرية ومن ثم هويتهم الإنسانية، وبذلك وجب التركيز على دورها المحوري في صناعة أمن فكري يتيح للشباب أن يترعرع في فضاءات سليمة، ما يحتم علينا تسخير مختلف أجهزتها لبناء وعي فكري سليم لدى الشباب، في هذا السياق يمكننا الحديث عن مبادرات من قبيل إصدار كتيبات؛ تنظيم ندوات ومحاضرات؛ التخطيط لنشاطات طلابية تروم غرس القيم والمبادئ الإنسانية كما روح الانتماء للأمة والوطن؛ مرسخة مفهوم الفكر الوسطي المعتدل؛ رادعة تغلغل قيم الكره والإرهاب في نفوسهم، كما أن تبث فيهم روح التجديد والإبداع والتألق؛ بتوفير بيئة جذابة للطلاب؛ تستفز نبض النقد عندهم، معيدة بذلك رص اللبنات الأساس لفكر تحليلي سليم، يستطيع أن يتفجر كطاقة نافعة وصالحة، تدفع مجتمعه لتسلق سلم التنمية.
أنّى للمجتمعات العربية أن تبسط سلطانها كمجتمعات تنموية واعية، دون أن يكون شبابها قادراً على بسط أفكاره وتطويرها بأمان، بعيداً عن أي فكر تطرفي قد يقوده للتشتت والضياع، وبذلك وجب تسخير أجهزة المجتمع عامة والتربوي منها خاصة لصناعة هذا الأمن الفكري، ثم الانطلاق في عملية بحث عن القطع الضائعة من صورة "المجتمع العربي الناجح" المرجوة.
* طالبة جامعية، تخصص هندسة، المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق