"كُشك الخريجين" حلم الشباب المُعلق على بسطاتهم - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/23/2023

"كُشك الخريجين" حلم الشباب المُعلق على بسطاتهم

مشاهدة
سعيد لولو

غزة : طارق حمدية

على قارعة الطريق، يعلق الشاب سعيد لولو شهادته الجامعية على عربة خشبية صغيرة، ويقف بجانبها ليقدم القهوة لرواده من المارة في الشارع، مع ابتسامة خفيفة تخفي خلفها مرارة كمرارة القهوة أو أشد، ليستقر به الحال خلفها بعد عجزه في الحصول على فرصة عمل بدخل ثابت، فلجأ لافتتاح "بسطة" لبيع المشروبات الساخنة.

سعيد لولو "36" عاماً من مدينة غزة والحاصل على شهادته من كليه الدراسات المتوسطة بجامعة الأزهر في تخصص العلاقات العامة والإعلام عام 2007، لم يجد عملاً في مجال دراسته يقيه وعائلته شر الفقر وذُل السؤال، لتبدأ رحلة المعاناة في حياته، مما دفعه للعمل في أحد مطاعم المأكولات الشعبية، ومن ثم محاسباً في شركة، ليجد نفسه في نهاية المطاف خلف "كشك الخريجين" الذي زينه بقبعة تخرجه من الجامعة.

وحيداً يخاطب سعيد خياله ويسرح معه في الليالي الهادئة، شاخصاً بعينيه نحو الحدود تراوده فكرة الهجرة، لعله يستطيع إيجاد عمل يغير من مسار حياته، ويُساعده على المعيشة والزواج من فتاة يستطيع وإياها تقاسم رغيف الخبز.

مراسل باث أرابيا خلال لقاء سعيد


وعن اختياره لاسم الكشك يقول لـ"باث أرابيا": "لم يكن اسم كشك الخريجين وليد اللحظة أو صدفة، إنما جاء لتسليط الضوء على قضية الخريجين وواقعهم المرير في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الشباب وارتفاع معدلات البطالة، مضيفاً أنه مر بمسيرة حافلة من الخيبات وسوء الحظ في الحصول على عمل، حتى التقى بعدد من أصدقائه وساعدوه في خلق مشروع صغير، يخفف عنه وعن أهله حملهم المكتظ بالأثقال".

ويضيف لولو أن فكرة مشروعه بسيطة جداً وتحمل هدفاً أساسياً يسعى من خلاله لتسليط الضوء على واقع الشباب الخريجين ومعاناتهم، والذين وصلوا إلى درجة اليأس وانسداد الأفق أمامهم، ويأمل أن يحمل المستقبل القريب أي تحسن في الظروف التي يمرون بها، ويتمنى أن تشكل تلك العربة البسيطة التي ساعده بعض الأصدقاء في صناعتها، مصدراً للدخل يمكنه من إعالة أسرته المكونة من سبعة أفراد، خصوصاً أن لديه شقيقين يعملان في المجال نفسه.

وعلى الرغم من المشاهد الحياتية المتعرجة التي عاشها سعيد، والمتأرجحة ما بين الوجع والقهر، إلا أن السلام الداخلي يغلب على تفاصيل حياته كافة، فإلى جانب الكشك الذي يعده صديقاً له، فقد زرع بعض من شجرات الظل لتؤنس وحدته في ساعات ليله الطويل، ويخبرها بما لا يستطيع أن يبوح به لغيرها، محدثاً إياها عن أحلام وأمنيات باتت في الخيال وعالم الذكريات، فهو لا يسمع إلا حفيف أوراقها حينما يلامسها الهواء، كأنها تطلب منه أن يصبر حتى يحدث الله بعد ذلك أمراً.

كشك الخريجين

وبحسب سعيد فإن إنشاء المشاريع الصغيرة بات الوسيلة الناجحة والتوجه الواضح لدى الشباب في غزة، للحد من زيادة معدلات البطالة وانعدام فرص العمل، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الشبان الذين يعملون في مثل هذه المجالات هم من حملة الشهادات الجامعية.

تتجمع هموم سعيد مستأنسة في قلبه، فقهوته التي تُعدل مزاج المارة وسائقي المركبات العمومية، أصبحت مصدر رزقه، يحلم من خلالها أن يؤسس بيتاً صغيراً يوماً ما، وأن يكون له من اسمه نصيب، يصمت قليلاً وبتنهيده وصوت متحشرج بين الأضلاع يختم حديثه: "أحلامنا هي حقوقنا، وسعيد يتمنى أن يصبح سعيداً".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق