![]() |
سيف سليمان القضاة |
سيف سليمان القضاة *
(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)
نحن جيل عايش انهيار كل شيء تقريباً، فخلال سنوات قليلة عشناها خسرنا الكثير: السلطة، الاستقرار، الأمل، والطموح، وأصبحنا ندرك بيقين قتامة المصير الذي ينتظرنا.
في هذا العصر، نعلم أن فُرصنا في عيش حياةٍ أفضل من آبائنا هي ضربٌ من الخيال، في زمنٍ تستبدل الآلات فيه البشر، وتُسحق فيه الأعمال التجارية الصغيرة على أيدي الشركات متعددة الجنسيات. بل وحتّى الإنترنت، ذاك الفضاء الفسيح الذي ما كان بالإمكان تخيّل حدٍّ له، أصبح اليوم في يد حفنة من شركات التكنولوجيا العملاقة توجهه أنّا شاءت. وها هم يبشروننا اليوم بثورة صناعية مقبلة دون أن يتساءلوا: ما الذي جلبته الثورة الصناعة الأولى أصلاً؟
لقد بُني المجتمع الحديث وتَشكَّلَ بسواعد الصناعة والتكنولوجيا، عندما خطف الرأسماليون الإنتاج من البيت وحبسوه في المصنع، ثم عادوا واستَلّوا الفرد من محيطه المألوف ليجعلوه مُجرد تُرس يدور في آلاتهم. ثم جاءت التكنولوجيا لتزيد الطين بلّة، وها نحن نشاهد بأعيننا حياتنا المحكومة بالخوارزميات التي صارت تتنبأ بأفكارنا قبل أن نبدأ حتى باستيعابها!
باختصار، أصبح الإنسان اليوم ضعيفاً وهشّاً بصورة لم يكن ليتخيلها في أسوأ كوابيسه، وليس أمامنا تجاه هذا الكابوس الجاثم إلّا البحث عن حلول جديدة قادرة على انتشالنا مما نحن فيه. وقد تكون الأسرة هي الملاذ الوحيد المتبقي اليوم، وإن كانت هي نفسها لا تزال تكافح في سبيل بقائها في عالم متحجّر القلب كهذا، كما يصفه كريستوفر لاتش.
الأمر الأكيد أنّنا بحاجة إلى إيجاد حلول لهذا الواقع، بإمكانها خلق روابط بين الأفراد وتعزيز روح التضامن بينهم، وقد شاهدنا كيف حمت هذه الروح التجار الصينين من تغلغل الشركات الكبرى في بلادهم. أما الفردية فهي وإن كانت مهيمنة اليوم فلا يزال بالإمكان تطويعها لإعداد إنسان جديد تملؤه القيم والعلوم والفضائل، بعيداً عن الخواء الروحي الذي فتك بالكثير من شبابنا وجرّهم إلى براثن العبثية والتطرف. ومن يدري؟ ربما يكون هذا قادراً على انتشال الكثير من مأزقهم الحالي (على الأقل حتى حين).
* طالب جامعي، تخصص هندسة حاسوب، الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق