كريم صبحي علي: التفكُك الأسري بداية النهاية لأي مجتمع - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/01/2023

كريم صبحي علي: التفكُك الأسري بداية النهاية لأي مجتمع

مشاهدة
كريم صبحي علي

كريم صبحي علي *

لم يعُد تدمير المجتمعات والدول في عصرنا الحالي يحتاج إلى شن الحروب وإطلاق القذائف والصواريخ والدبابات والطائرات كما كان يحدث في الماضي، فإذا أردت اليوم تدمير أي دولة أو أي مجتمع في هذا الزمان الذي نعيشه الآن فكل ما عليك فعله هو تدمير التكوين الأسري بداخل هذا المجتمع؛ وهذا لأن الأسرة هي عماد أي مجتمع مُتقدم ومُزدهر وهي من أهم الركائز الأساسية للتماسُك المجتمعي، وبناؤها بشكل صحيح وسليم وقوي بالتأكيد سيجعل من هذا المجتمع مجتمعاً قوياً ومُتقدماً على النواحي والصعد كافة.

ولأن التماسُك والترابُط الأسري هو من أهم أساسيات القوة المجتمعية فقد أصبحت الأسرة العربية في الآونة الأخيرة مُستهدفة وبشدة وأصبحت أيضاً في مرمى النيران المباشر لكل الأعداء الخارجيين والذين يريدون إضعاف وتدمير مجتمعاتنا العربية وإفراغها تماماً من كل العادات والقيم الأسرية التي تربينا عليها جميعاً مُنذ نعومة أظافرنا، وأصبحت هناك خطة مُمنهجة وواضحة لكل ذي عينين لتدمير الأسرة العربية وذلك، ومن وجهة نظري أنا، عن طريق محاور عدة مُهمة جداً لإكمال هذه الخطة الخبيثة بنجاح وتلك المحاور تتمثل في هذه النقاط الآتي ذكرها:

أولاً: تعمُد إفساد بعض الشباب العربي بالمواد المُخدرة والأفكار الشاذة والمرفوضة دينياً واجتماعياً وأخلاقياً وهذا بطبيعة الحال لأن الشباب هُم النواة والبذرة لتكوين الأسرة في المُستقبل.

ثانياً: إنهاك وإضعاف الدول العربية بالمشاكل والأزمات الاقتصادية؛ ما يرفع تكاليف الإسكان والإعاشة وبالتالي لا يستطيع الشباب المُقبل على الزواج أن يجدوا المسكن الملائم لهم وبالأسعار المناسبة وبالتالي يجري القضاء على مشروع تكوين الأسرة قبل أن يبدأ أصلاً وهذا لأن أساس وبداية تكوين الأسرة يكون عن طريق إيجاد المسكن والمنزل المُلائم ليكون هو الوعاء الحاضن لتكوين هذه الأسرة.

ثالثاً: تصدير الخلافات والمشاكل الزوجية طيلة الوقت وبشكل مُتعمد ومُستمر لتتكون صورة نمطية في العقل الباطن لدى الشباب العربي بأن الزواج ما هو إلا عبارة عن مشاجرة كبيرة بين الرجل والمرأة وأنه مشقة في الليل ومذلة في النهار وبالتالي يحدث النفور من قِبل الشباب عن فكرة الزواج فيصبح الشباب على يقين تام بأن الزواج هو عبارة عن فيلم رعب لا بُد أن تكون نهايته الحتمية في محكمة الأسرة أو بقيام أحد الزوجين بالتخلص من الآخر بأبشع الجرائم أو حتى بأبسط الطُرق الشرعية وهي الانفصال والطلاق.

وبالطبع مهما تحدثنا عن الأسباب والنقاط المُسببة للتفكُك الأسري في مجتمعاتنا العربية فلن نستطيع أن نُحصيها ونحصُرها أبداً وهذا وللأسف الشديد لكثرة عددها وانتشارها على نطاقٍ واسع، ولكن كانت هذه فقط هي أبرز النقاط التي جائت في خاطري الآن عن هذه المشكلة العويصة والكبيرة والخطيرة جداً والتي أصبحت تهدد كل مجتمع عربي ما لم يجري التصدي لها بكل حزم وقوة لكي لا ينشأ أطفال بنفوس غير سوية فيصبحون كارهين للمجتمع بأكمله وساخطين على كل شيء نتيجة تفكُك أسرهم ورؤية أهاليهم يتقاتلون ويتنازعون بدلاً من أن تسود الرحمة والمودة والسكينة فيما بينهم.

وبالتأكيد توجد حلول وطُرق وأفكار إبداعية كثيرة جداً للقضاء على مشكلة التفكُك الأسري في مجتمعاتنا العربية ولكي تأتي هذه الحلول يجب أن يتكاتف المسؤولون ورجال الدين والأباء والأمهات معاً من أجل توعية الشباب بأهمية المُحافظة على تكوين الأسرة سواءً كانوا في مرحلة الإقبال على الزواج أو كانوا من حديثي الزواج ويجب أيضاً على كل دولة عربية أن تُطلق مُبادرات مادية ومعنوية وبرامج توعوية لتشجيع الشباب على الزواج وعلى تكوين الأسرة وكيفية المُحافظة عليها من التفكُك والانهيار.. وعندما تتم هذه الخطوات بسلاسة ويسر عندها فقط سنجد المئات بل الآلاف من الحلول للقضاء على مشكلة التفكُك الأسري والتي أصبحت ناقوس خطر يدُق على أبواب وأعتاب مجتمعاتنا العربية.

ويبقى هنا السؤال الأهم: هل نحن حقاً قادرون على مواجهة التفكُك الأسري أم لا؟ 

* دبلوم فني فندقي، مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق