معاذ السمعي: رسالتي للشعراء الشباب لا تغتصب سنبلة أصغر من فكرة - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/24/2023

معاذ السمعي: رسالتي للشعراء الشباب لا تغتصب سنبلة أصغر من فكرة

مشاهدة
معاذ السمعي

صنعاء: محمد الحميري

أنا ذلك الآدمي المنسي في جغرافية النص، أمارس طقوس الكتابة بجهد أتعثر..
 أنطلق.. أسقط.. أطير.. أنحني.. أستقيم، في النهاية أنا نتاج تلك العلاقة الغامضة بين الشاعر والإنسان.

أنــــا "الـسـنـافـيُّ" فــــي الآلاءِ مــرتـحـلٌ . . بـيـنَ الـنـجومِ وظـلـي الـشـمسُ والـقـمـرُ
من فجرِ (قحطانَ) من (أروى) و(ذي يزنٍ) . . ورِثــتُ شَـوقـي، وأروانـي الـهوى (صَـبرُ)
إذا تــعــثَّـرَ دربـــــي والــمــدى سِــعــةٌ . . غـــدتْ عــيـون الـسـمـا تـبـكي وتـعـتذِرُ
لا تـجـهلي مــن أنــا والـكـونُ لــي وطـنٌ . . أشــــدُ فــيـهِ رحــالـي والأنـــا ســفـرُ

"السنافيّ".. أقصر المسافات بيني وبين ذاتي تمتهن ظروف طبيعة وعرة، الولوج إليها سيعني السير في بلاد الجن.. بهذه الإطلالة الأدبية يقدم الشاعر معاذ السمعي ابن الحالمة تعز ذاته الشعرية في حوار أجرته معه "باث أرابيا" وهذه محاور الحوار:

* في البداية ماذا يعني لمعاذ أن يكون شاعراً؟
- أن أكون آخر نقطة في نونية الكون، وأن أقشر أصابعي، مرة.. مرتين.. عشر..بحسب الحاجة لريش حمام أو منقار ديك..، خفيفاً لأعبر نصفك المبلول، حاداً لنقر الأصداف الصدئة في عيون العشب..، أن أتخلى عن ظلالي القديم، وأركض عارياً في الشمس، أن أفلت لساني في النص، وأكتب لبحرك أنت، إنسانك "البسيط" "الكامل" بك، حزنك "المجتث" "المتقارب" منك، رصيفك "المُحدٓث"، "مضارعك" الغد، شارعك "الطويل" "المديد" بأسمائك أنت، في المقابل لا يعني أن أكون نبياً بروح شيطان محض، أو العكس بحسب ما يمليه الموقف، لكنه سيعني أن أكون متعباً.. متعباً طوال الوقت.

* ما الذي يخطر ببالك عند سماعك مفردة "قصيدة"؟
- عوالم الشعر والشعراء، ملامح البلاد ووجه الحبيبة! غالباً هؤلاء متشابهون ولا يصلون للكمال المطلق.

* موقف أو حدث محفور في الذاكرة شكل أثراً على مسيرتك الشعرية
- لا تكاد تخلو حياتنا عامة من المواقف الحادة التي تعلق في الذاكرة، ولعلي أختزلها في موقفين. نشب أولها بتراجيديا مبكرة بيني وبين فتاتي الأولى، أذكر أنها أخبرتني بعدها، أن ليس للمرء أن يكون عاشقاً حقيقياً إلا حينما ترشح أنامله بالقصائد، وتخرج الأغاني من فمه ملونة كالعصافير، الثاني والأبرز تمثل في لحظة متأخرة من العمر، حيث اكتشفت ملكتي الكتابية بعودة العلاقة بيني وبين ذلك الشاعر الصغير الخامل في جلدي. وللأسف اكتشفت أيضاً أن مستواي التعليمي، ورقعتي الثقافية أضعف من أن تساعدانني على إخراجه، أو محاولة تنشيطه، كوني لم أحظ في طفولتي بتعليم جيد، فعزمت في السنوات الأخيرة أن أراجع مستوياتي من جديد، وخلالها حصدت ما لم أحصل عليه في المدارس الحكومية بمستوياتها الثلاث، قد يشعر المرء بالفخر أنه عصامي لهذا الحد.

الشاعر معاذ السمعي

* القيمة الإنسانية الأبرز التي تجنح إليها نصوص الشاعر معاذ السمعي

- الحرب! نعم الحرب ضد كل ما هو سيئ.. حين نعلنها على هذه الشاكلة تصبح قيمة إنسانية خالصة، والحقيقة أننا لا نكتب بل نقاتل ونستميت في معركة طويلة الأمد.

* ما معايير الإبداع الأدبي بوجهة نظر الشاعر معاذ السمعي؟
- الهروب.. المغادرة.. أن تحدث ثقباً في النفق، تتنفس الضوء، أن تغادر الدائرة، وتنفتح كغبار نجمي.

* ما الجو الذي يلهمك الكتابة؟
- الشاعر ابن بيئته كما قيل، وعلى افتراض أن الجو هو المناخ المحيط يمكننا القول إن الجو بكل احتمالياته مهم وملهم للكتابة، الأجواء هي التي تخلق شكل وثيمة النص، فبفضلها يغدو النص متعدد الأوجه، بمعنى آخر.. الشاعر ملهم بكل حالاته، وما سيحتاجه هو الوقت، فقط الوقت.


* ما الذي يحتاجه الأديب ليبدع، وما المعاناة التي تعيق حركة الإبداع في بلدنا؟
- منحة تفرغه.. هذا كل ما يحتاجه..  ذاك ما عنيت بمفردة الوقت في ردي السابق.

* ما الشعور الذي ينتابك عند إتمامك لكتابة القصيدة؟
- للنص مراحل عدة. متقاربة ومتفاوتة، تتمثل تلك المراحل في الخلق والحمل والولادة، وللشاعر فرحتان وليس لي أيًّ منها، فقط مشاعر كثيرة ومتناقضة في آنٍ، أهمها الشعور بعدم الرضا.

* رسالة تود توجيهها للكتاب الشباب من خلال منصة باث أرابيا
- حرر علاقتك المعقدة بالنص، في البحر فخاخ بيضاء، لا تغتصب سنبلة أصغر من فكرة، ولا تزوج نفسك بظل أكبر منك بمفردتين، دع أسماء غيرك للريح، والتف حولك كطريق جبلي .

* محاور وددت لو طرحتها عليك في الحوار، وردك عليها
- صدقني كان لمحاورك الماطرة شجون شهي، أعاد بياض اللحظة وأنا الوحيد المعنى بالمطر، لكنني وكما يفعل الجميع، وبصفتي متهماً بها، ظننتك ستحاورني بجدية وجدلية في ما يتعلق بقصيدة النثر.. فما من مُحاور إلا ويجلدني ملياً في هذا الاتجاه.

* بماذا تحب أن نختم هذا اللقاء الموجز؟
- بمحورين أحدهما يتعلق بالشعر وآخر بالشاعر.

ـ الشعر يغير.. يهدم الأنساق والقوالب ثم يخلق أشكاله الجديدة، وعلى أسس جديدة. كما أن الأشكال القديمة تجاوزها الزمن، فالزمن يجدد نفسه دائماً، وكان على الشعر أيضاً أن يجدد نفسه، وكما اعتاد الشعر في الماضي أن يمثل الأشياء المرئية على الأرض، سيان الأشياء التي يستهوينا النظر اليها، أو تلك التي نرغب في أن نراها، فهو اليوم يكشف عن الحقيقة الكامنة وراء الأشياء المرئية، ليبرهن على أن ما يُرى ليس إلا حالة منفصلة في علاقتها بالكون، وأن هناك حقائق أخرى مجهولة كثيرة.

ـ الشاعر.. فعلى الرغم مما قيل في وصفه بأنه رائياً، أو نبياً.. فعليه أن يعرف بحسه الإبداعي أنه ليس ناقلاً لما يراه، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، وإنما عليه أن يكون هادماً للواقع ومعيداً بناءه من جديد، وليتسنى له ذلك عليه فقط أن يمر في شرطين لتأكيد نفسه: الهدم الكلي للواقع الراهن، ثم إعادة ترتيب عناصره بالطريقة الأقرب إلى تحريره في الداخل كما في الخارج.

تكريم الشاعر معاذ

سيرة ذاتية

ولد الشاعر معاذ السمعي في مدينة تعز جنوب غرب اليمن في 1982، شغل منصب رئيس مؤسسة منصة شباب للثقافة والتنمية. ورئيس مؤسسة وصالون صنمات الثقافي.

 شاعر ومدرب TOT في مجال الاتحادية، كما نال  المركز الأول في مسابقة آلق الأدبية في الشعر العمودي تعز، وحصل على المركز الثاني في مسابقة همسة الدولية في القصيدة النثرية - مصر، والمركز الخامس في الشعر العمودي للمسابقة نفسها 2017.

كرم السمعي بدرع معرض الكتاب الثالث لمكتب الثقافة - تعز وحصل على شهادة تكريم للعام 2020.

 صدر له ديوانان شعريان: مجموعة شعرية بعنوان (حب وحرب) مؤسسة همسة المصرية، ومجموعة شعرية بعنوان (دموع كثيرة لعيد واحد) دار أورقة للترجمة والنشر القاهرة، وله أعمال أخرى تحت الطبع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق