![]() |
محمد كسبر |
محمد كسبر *
(مسابقة متطلبات الأمن والأمان التي يحتاجها الشباب العربي)
لا يمكن الحديث عن أمان شبابنا العربي دون التطرق إلى الأمان بمعنييه الاقتصادي والسياسي معاً.
ولا يمكن تحليل مفهوم الأمان الاقتصادي دون ربطه بمفهوم "التوقع" الذي يسعي إليه شبابنا العربي نتيجة احتكاكه بحياة "الآخر الغربي". فسيولة المعلومات والتقنية الحديثة أدت إلى أن يطلع الشاب العربي على نمط حياة مخالف للمتعارف عليه في مجتمعاته التقليدية سواء كانت تقليدية صرفة أو هجيناً بين متناقضين نتيجة تعثر مشروع التنمية الطموح الذي بدأته بعض الحكومات العربية بعد الاستقلال.
فلا نبالغ لو قلنا أن الشباب العربي اليوم يختلف عن شباب الأمس الذي كانت معرفته بالآخر مستمدة من كتب وأفلام وخطابات سياسية وثقافية مؤدلجة صورت الآخر الغربي كشيطان رجيم يسعى إلى طمس هويته العربية أحياناً، أو ملاك حكيم يحمل مشعل الحضارة والتنوير أحياناً أخرى! شبابنا العربي اليوم يرى الآخر الغربي ويتفاعل معه بالصوت والصورة دون وسيط ودون أن يغادر جدران منزله ودون أن يكون محملاً بتصورات مذهبية مسبقة، وذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، يرى الآخر كإنسان يعيش حياة مغايرة ويتمتع بمستوى من الرفاهية لا يقدر عليها، فيؤدي هذا التواصل المباشر إلى التوتر والمقارنة والتساؤل "ألا أستحق أنا" الشاب العربي الحياة نفسها التي يعيشها هذا "الآخر الغربي"؟
وهذا هو مفهوم "التوقع" الذي افتتحنا به المقال، وهو المفتاح الرئيس للتعامل مع مشكلة "الأمان الاقتصادي" التي يعاني منها ويحس بثقلها معظم الشباب العربي اليوم. فلا جدوى لحديث خبراء الاقتصاد عن ارتفاع نسبة الدخل القومي وزيادة معدل النمو دون ربطها بمدى "رضا الشاب العربي" عنها، وهذا بالطبع يتطلب إدخال الآخر الغربي في المعادلة، فربط ما حُقق "الواقع" بالمأمول "المتوقع" هو بداية حل المشكلة.
أما كيفية الربط فيقودنا للجانب الآخر من الأمان ونقصد به "الأمان السياسي". فحوار مجتمعي يشارك فيه الشباب العربي بجميع أطيافه، وتناقش بداخله جميع القضايا بشفافية، هو الحل الملائم لمنطق العصر الحديث وفكر شبابه الرافض لجميع أنواع الوصاية المسبقة.
والأمان بشقيه "الاقتصادي والسياسي" هو الضمانة الأساسية لتحقيق "الأمان المجتمعي" المنشود.
* ماجستير علوم سياسية، كاتب وروائي درامي، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق