![]() |
ياسر العظمة |
أثار الفنان السوري الكبير ياسر العظمة جدلاً كبيراً بهجومه على مسلسل "باب الحارة"، والذي يعد أيقونة من أيقونات الدراما السورية، بل ويمكنك القول إنه أشهر مسلسل سوري خارج وداخل سوريا، ويحظى بنسب متابعة عالية وهي الأكبر في تاريخ الدراما السورية.
المسلسل الذي يشغل الشعب السوري كل عام، عند الإعلان عن عرض جزء جديد منه، فبعضهم يراه تكراراً وإفلاساً، وبعضهم يراه يخالف التاريخ السوري بشكل عام والدمشقي بشكل خاص؛ لكونه يتمحور حول حارة دمشقية، لكن محبي المسلسل، يعدونه حكايات مسلية لا علاقة لها بالتاريخ، وإنما هدفها الرئيس هو التسلية والترفيه وتقديم وجبة درامية جيدة ومحبوكة.
لكن الفنان ياسر العظمة ينتمي إلى شريحة من الجمهور ترى أن المسلسل يشوه التاريخ، وقال الفنان ياسر العظمة في تصريح من خلال برنامج "مع ياسر العظمة"، الذي يقدمه على قناته الخاصة على يوتيوب، والذي شن فيه هجوماً على الدراما السورية بشكل عام، ومسلسلات باب الحارة وجوقة عزيزة بشكل خاص: "هذا اللي اسمه باب الحارة، عم يحاولوا يعملوا منه إمام المسلسلات السورية بما فيه من تاريخ مزور، وهل الزعران والخناجر والنسوان والعنتريات وابن عمي، وقصص بتقطع النفس، هي الشام القديمة".
وأضاف العظمة في هجومه الحاد على المسلسل: "مسلسل باب الحارة ينتقص من مكانة المرأة بسبب تصويرها ضعيفة وخانعة، ومكانة الرجل السوري أيضاً في مجالات الحياة كافة، بخاصة السياسية، لأن سوريا كانت تمتلك رجالاً عظاماً استطاعوا الوصول إلى العالمية بسبب ذكائهم وقدرتهم، ومن يقف خلف هذه الأعمال إما جاهل، أو أمي أو تاجر أو غبي".
هجوم على جوقة عزيزة
وتناول بعدها مسلسل جوقة عزيزة للفنانة نسرين طافش، والذي يتناول قصة عزيزة خوخة الراقصة التي سحرت القلوب في بلاد الشام خلال ثلاثينيات القرن الماضي ولُقبت بـملكة المسرح، في حقبة الاحتلال الفرنسي لسوريا، ووقوع كولونيل فرنسي في حبها ومحاولته السيطرة عليها لكي تبادله الشعور نفسه، وهي قصة تشبه كثيراً قصة بديعة مصابني التي لقبت بملكة المسارح، وقال ياسر العظمة عن مسلسل جوقة عزيزة: "عمل ضعيف ومسروق من الفن المصري القديم ولا يمثل البيئة والمجتمع السوري".سبب غضب ياسر العظمة
غضب ياسر العظمة من مسلسل باب الحارة؛ لكونه عاش في هذه الحقبة التاريخية، ويرى أن ما يقدمه المسلسل مختلف تماماً: "عشت في الحقبة القديمة في دمشق وكنت أستمع إلى قصص دمشق والحياة فيها من أبي وجدي وكل ما يحكى في هذا العمل لا يشبه دمشق والحياة فيها، لذا فهو عمل فانتازيا وليس عملاً تاريخياً".التصريحات التي بثها ياسر العظمة، والتي حققت قرابة نصف مليون مشاهدة عبر قناته الرسمية عبر موقع يوتيوب، وجعل ياسر العظمة يتصدر مواقع البحث بموقع جوجل، وأكثر المحتويات الرائجة بموقع جوجل "ترند"، الأمر الذي استدعى رداً من منتج ومؤلف المسلسل.
منتج المسلسل .. الأمر سببه الغيرة
أرجع المنتج السوري محمد قبنض تصريحات ياسر العظمة لغيرته الشديدة من عدم مشاركته في المسلسل، وقال: "كل من يتحدث عن باب الحارة يبحث فقط عن الشهرة، وأن أي شخص ينتقد مسلسل باب الحارة يفعل ذلك من باب الغيرة؛ لكونه غير مشارك فيه"، وأوضح أنه لا يقصد الفنان ياسر العظمة بعينه، ولكن كل من ينتقدون "من يفعلون ذلك، يرغبون في جذب انتباه الناس، والحصول على ترند على حساب المسلسل"، مؤكداً أنه يحب ياسر العظمة كممثل كبير وغير غاضب منه بسبب تصريحاته.وقال: "إن المسلسل مستمر في إنتاج أجزاء جديدة، وإنه سيظل ينتج أجزاء جديدة من باب الحارة حتى يدخل الفنانون مرحلة الهواتف المحمولة، وإنه أخذ على عاتقه إنتاج جزء جديد من باب الحارة كل عام، طالما الجمهور يطلبه".
ويبلغ عدد أجزاء مسلسل باب الحارة 12 جزءاً، إذ عُرض الجزء الأول في العام 2006، ولاقى نجاحاً كبيراً لدى المشاهدين، وتوالت الأجزاء بعد ذلك سنوياً، إذ كان يُعرض المسلسل في شهر رمضان من كلّ عام. في العام 2010 توقف المسلسل ليعود في العام 2014 بجزئه السادس، واستمر حتى وصل إلى جزئه الثاني عشر في العام 2022، وحالياً يجري إنتاج الجزء الثالث عشر من المسلسل، وأعلن المنتج عن الجزء الرابع عشر والخامس عشر لكن في حارة جديدة بأحداث جديدة وممثلين جدد.
مؤلف المسلسل يطالبه بالاعتذار
ورد المؤلف مروان قاووق على هجوم ياسر العظمة بالقول: "بطلب منه الاحترام والاعتذار لصناع الأعمال السورية، وأنا عن نفسي لن أقاضيك وبتمنى ألا تتكرر هذه الكلمات من حضرتك، موضحاً: "لا شك أن الأستاذ ياسر فنان كبير.. ولكن ينقصه الكثير من الموروث الشعبي الشامي، لو كان عنده هاد الموروث لما صدر منه هذا الكلام عن مسلسل باب الحارة والإساءة لمسلسل باب الحارة، وأنا بتكلم بانفعال لكن من غيرتي على الدراما السورية مو غيرتي عليه، لأ.. غيرتي على كتّاب السيناريو كلهم أهانهم بمن فيهم أنا أهانني، وصفني كتير قال مغرض وغبي.. هاد الكلام مردود عليك أنت يا أستاذ ياسر، وما قاله ياسر العظمة ما هو إلا صناعة الترند".وأضاف: "أنا أصنع الواقع، ومثلاً قصة طلاق سعاد من أبو عصام، قصة طلاق أمي، وأمي كانت تقول لأبي، يا حسن ويا ابن عمي ويا زوجي، وهذه تفاصيل حياتنا الشعبية التي نسيها ياسر العظمة، وليش ما عجبك أي مسلسل، كل المسلسلات السورية عايزها تبقى مثل مرايا، وكل المسلسلات السورية أرقى من مسلسل مرايا، أنا أكبر من ياسر العظمة ومن حقي أرد عليه، وليس ضرورياً أن يكون المسلسل مرجعاً تاريخياً، ومن يريد التاريخ عليه أن يفتح كتاباً، نحن نقدم فانتازيا مغلفة تاريخياً، ويا ريت يا أستاذ ياسر العظمة تجيب ملايين الدولارات اللي حاططها برا وتنقذ الدراما السورية وأنتج هذه الأعمال".
صناع جوقة عزيزة يردون
شركة جولدن لاين المنتجة لمسلسل جوقة عزيزة لنسرين طافش، أصدرت بياناً ردت من خلاله على الكلام الموجه لعملهم: "نعرف أن الدراما السورية تعاني من الضعف، وهذا طبيعي بسبب أكثر من عقد من الحروب الكونية على أرض وطننا الغالي، نعرف ذلك أكثر منك طبعاً، إذ لم نهجر أرضنا تحت الرصاص ولا في الأمان"، في إشارة لترك ياسر العظمة لسوريا وقت الأزمة.وكان العظمة طالب المسلسلات السورية بسرج قصص رجال التاريخ السوري على غرار فوزي بك الغزّي، لذا جاء في بيان الشركة المنتجة لمسلسل جوقة عزيزة نقداً له، لأن المسلسل يتعرض لفوزي بك الغزّي، وقال البيان: "أقررت في معرض كلامك عدم متابعتك المسلسلات إلّا بعض المشاهد والمتفرقات، لكنك أصرّيت على الحكم والنقد بلا رؤية ولا بصيرة. لعل ذلك يُفسر مطالبتك برؤية رجال التاريخ السوري على غرار فوزي بك الغزّي في الأعمال الدرامية بالتزامن مع هجومك على مسلسل جوقة عزيزة الذي لسوء حظك تضمّن قصة نضاله وكفاحه واغتياله وكشف محاولة المحتل تشويه سمعته".
ناقد فني .. هذه أزمة باب الحارة
قال الناقد الفني ضياء مصطفى: "إن الأزمة في الأعمال التاريخية هو أن الجمهور العربي يتعامل معها على أنها وثيقة تاريخية، وهذا غير صحيح، كل الأعمال الدرامية التي صُنعت في مصر والعالم العربي غير دقيقة تاريخياً، وأنا أعني كل هذه الأعمال، لذا لا بد أن يجري التنويه بأن هذه الأعمال ليست مرجعاً للتاريخ، ومن أراد التاريخ عليه أن يقرأ الكتب، وأن يكون المسلسل نافذة للعبور للتاريخ، مجرد نافذة وليس التاريخ كله".وأضاف مصطفى في تصريح خاص لـ"باث أرابيا"، أن ما قاله ياسر العظمة لا يتعارض مع ما قاله مؤلف المسلسل، فكلاهما أجمع أنها فانتازيا، لكن ربما كانت الألفاظ التي استخدمها ياسر العظمة، مثل مغرض وجاهل وغبي وتاجر والتي يصف بها صناع الأعمال السورية هي ما ضايقت صناع هذه الأعمال.
وتابع مصطفى أن الأزمة تكمن في كون ياسر العظمة ممثلاً بالأساس، وعندما ينتقد مسلسلاً، فهو يضع نفسه في محل انتقاد، وستجد من يهاجمونه أيضاً، ويذكرون عيوب مسلسلاته وأعماله الفنية، لأنه ليس ناقداً بالأساس، لذا فلن يكون النقد مقبولاً منه، ضارباً المثل بالعديد من صناع الأعمال ممن تركوا الفن واتجهوا للنقد، فأنت مثلاً لا تعرف ما آخر لحن للموسيقار حلمي بكر، لكنك ستتذكر مقابلاته في البرامج التي ينتقد فيها الجميع ويصرخ فيهم، لكن أين هو منتج حلمي بكر الجديد نفسه فلا تجد.
من هو ياسر العظمة؟
ياسر العظمة من مواليد 16 مايو/ آيار 1942، في العاصمة السورية دمشق، وهو ممثل وكاتب ومؤلف ومنتج سوري، اشتهر من خلال مسلسل "مرايا" الذي ألّفه وأعدّه لمدة تزيد على خمسة وثلاثين عاماً، وقدم من خلاله العديد من الشخصيات التي غالباً ما تحمل الطابع النقدي الكوميدي.ونال استحسان الكاتب والممثل السوري الشهير نهاد قلعي، في آخر لقاء تلفزيوني له، حيث قال: "إن الكوميديا ماتت في سوريا ولم يتبق لها سوى الفنان ياسر العظمة، الذي يقدم تجربة كوميدية جيدة للغاية، وكان له الفضل مع المخرج هشام شربتجي في اكتشاف العديد من المواهب الفنية السورية والوجوه الجديدة".
وتزوج من صباح خطاب (شقيقة الفنانة فاديا خطاب) بعد أن قابلها في مسرحية "غربة"، وأنجب منها ولدين: أنور ويزن، وغاب عن سوريا لفترة تربو عن الست سنوات قضاها بين مصر والإمارات، وحصل في العام 2020 على الجنسية الإماراتية وكتب وقتها: "شرفتني دولة الإمارات العربية المتحدة بمنحي الجنسية الإماراتية، فشكراً لسمو الشيخ محمد بن راشد راعي الفنون والآداب والعلوم على هذه المكرمة. وكل التقدير لسموه لمنحه الإقامة الذهبية لكثير من الفنانين العرب والسوريين، والتي تتيح لهم فرصة العمل والإقامة المستمرة في ربوع الإمارات".
وقدم الفنان ياسر العظمة في العام 2013 مسلسل "مرايا 2013"، ثم غاب ثماني سنوات، وعاد في العام 2021 بمسلسل السنونو في دور عوني الناكش، وهو المسلسل الذي طاله نقد الشركة المنتجة لمسلسل جوقة عزيزة، حيث قالوا عنه "سنتفق معك ثانيةً يا حضرة الممثل والكاتب والمنتج المنفذ والواعظ والناقد والصحافي واليوتيوبر أخيراً، بأن أعمالاً كثيرة لم تكن لائقة بدرامانا السورية، على غرار مسلسل (السنونو) الذي غرق بسفينته ومن عليها، وهاجمه حتى ركابها من الناجين" .
في النهاية يبقى مسلسل باب الحارة بأجزائه الكثيرة جزءاً مهماً في الدراما السورية، وسيبقى ياسر العظمة فناناً مختلفاً في تاريخ الدراما السورية، وسيبقى الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، لكن بشرط أن يكون هناك ود أولاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق