فائز سهيل السماعيل: علينا ربط أغلب مناهج التّعليم العالي بمرفقات عمليّة - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


2/23/2023

فائز سهيل السماعيل: علينا ربط أغلب مناهج التّعليم العالي بمرفقات عمليّة

مشاهدة
فائز سهيل السماعيل

فائز سهيل السماعيل *

(مسابقة طرق تطوير التعليم العالي لتتناسب المخرجات مع سوق العمل)

المنهاج النّظري وحده هيكل سيارة بلا عجلات، لن تتحرّك باتجاه الهدف أبداً؛ لذلك علينا ربط أغلب مناهج التّعليم بمرفقات عمليّة تطبق ضمن منشآت، ومعامل، وأسواق، ومؤسّسات هذه الدّولة العربيّة.

نبدأ بمناهج التّعليم العالي للهندسات: يجب أن ترفق مناهج الهندسة الميكانيّكة، والإلكترونية، والكهربائيّة وغيرها من الهندسة المقاربة لها بمادة عمليّة يطبّقها الطّلاب في المعامل، والمصانع، والمنشآت الموجودة في البلاد؛ ليأخذوا فكرة عن الصّناعة والصّيانة بشكل واسع، وكيفيّة التّعامل مع الآلات وفق محاور عدة:

المحور الأوّل: أكثر الأعطال الميكانيكيّة والكهربائية شيوعاً في المعامل والمصانع والآليات.

المحور الثاني: كيفيّة التّعامل مع هذه الأعطال بأحدث وأسهل الطّرق وأقلّها تكلفة.

المحور الثّالث: تبويب هذه الأعطال في دفاتر ملاحظات ملحقة بمنهاج التّعليم العالي النّظري.

أمّا بالنّسبة لطّلاب التجارة والتسويق وإدارة الأعمال فيجب أن تكون مناهجهم في التعليم العالي تحاكي أعمال الشركات والأسواق على أرض الواقع من حيث أفكار المنتج، ومتطلبات المستهلك، وطرق تحقيق رغبته من خلال تحسين جودة مواصفات المنتج وفق المحاور:

• يوفر حلاً لمشاكل الزبون واحتياجاته ورغباته.

• أن يكون المنتج سهل الاستخدام للعملاء.

• أن يوفر تجربة مستخدم أفضل.

• أن يكون له تصميم مرئي مقبول وجذاب.

• قليل التكلفة للوصول إلى هامش ربح أفضل.

وكل هذه الأفكار يجب أن تدرج في منهاج التعليم العالي النّظري، وتطبق بشكل عملي، إضافة إلى التّركيز على جانب الدعاية والإعلام لتوفير التسويق على مساحة أوسع، وبسرعة أكبر.

وبالنسبة للغات والترجمات وما يقاربها من فروع أخرى فيجب أن تركز مناهجها على الترجمات التخصصية، فمثلاً توضع كتب موسعة وعميقة وكافية للترجمة الطبية تتضمن الترجمة التشريحية، والمصطلحات الطبية، وأكثر المحادثات المطلوبة في مستشفيات فيها خبرات أجنبية، وأيضاً ترجمة فندقية تتضمن أكثر المحادثات المطلوبة مع نزلاء الفندق الأجانب، والترجمة السياحية والتي تؤهّل الطلاب بعد تخرجهم لقيادة مجموعات سياحية بطلاقة وسلاسة في اللغة، وغيرها من الترجمات التخصصية الأخرى المطلوبة كثيراً في الوظائف المستقبلية.

وبالنسبة لفروع التاريخ والآثار فيجب أن يكون هناك في المنهاج مواد مشتركة ومواد متبادلة تدعم بعضها عن الحضارات، وتاريخها، وآثارها، ومدلولات رموزها، وأن ترتّب الهيئات الإدارية لهذه الكليات زيارات لطلاب التاريخ والآثار إلى كل مواقع السياحية المحلية والعربية، وإدخال التكنولوجيا في هذا المجال مثل استخدام جهاز الأشعة فوق البنفسجية التي تفيد في كشف عمر القطعة، أو حتى دراسة المومياء، ومعرفة التاريخ الذي كانت تعيش فيه، ودراستها على أرض الواقع بتمويل من وزارة التعليم العالي.

أما بالنسبة لفروع الجغرافية والجيولوجية فيجب أن تخرج مناهجها من إطار الخرائط الضيق، والمجسّمات، وعيّنات التّراب والصخور في المختبر العلمي إلى التطبيق العملي في مراكز الأرصاد الجوية، ورصد الزلازل، والسفر إلى الكثير من الدول؛ للتخييم في أطرافها، والتعرف إلى مناخها، وأنواع التّرب فيها، وطبيعة النشاط البشري لأهلها، والتعداد السكاني الجديد، والفئات العمرية وغيرها.

وبالنّسبة لكليّات الطّب، والصّيدلة فإن فترة الدراسة الطويلة فيها ومناهجها المكثفة قد تغطي أغلب علوم جسم الإنسان والأدوية والأمراض، لكن مناهجها تفتقد إلى مادة إبداعية؛ بحيث يترك لطلاب الطب والصّيدلة في هذه المادة الإبداعية تركيب عقاقير ضد جرثوم أو فايروس معين، ثمّ تقيّم لجنة طبية تعيّنها الجامعة من العقار الأفضل فعالية ضدّ هذا النّوع من الجراثيم أو الفايروسات وتتبنّى نشره في السّوق الطبية وتقديم دعم كبير للطالب مخترع العقار لتشجيع الطلاب البقية على ابتكار عقاقير.

أما بالنسبة لمناهج كليات الإعلام فهي الأغنى نظرياً، والأفقر عملياً، ويجب أن تضاف مواد عملية متعلقة بالصوتيات، ومخارج الحروف، والإلقاء الصوتي السليم نحوياً، والواضح كمخارج الحروف لتأهليهم للعمل في الإذاعة والتلفزيون، كذلك يجب أن تكون هناك مواد للإبداع الحر وهو تحرير أخبار جريئة جديدة، عليها بصمة إبداعية لكل طالب إعلام وبثها عبر قنوات يوتيوب وصفحات تواصل خاصة بكليات الإعلام.

وفي النهاية أغلب مناهج التعليم العالي العربية تعتمد على التلقين الببغائي وتفتقد إلى مواد إبداعية عملية تظهر فيها بصمة فردية لكل طالب، يلخص من خلالها الزبدة العملية لمعرفته الأكاديمية على مدى هذه السنوات قبل التخرج.

* طالب جامعي، تخصص هندسة معمارية، سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق