![]() |
لؤي الخطيب |
لؤي الخطيب *
حتى وقت كتابة هذه السطور كانت حصيلة الوفيات من الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، قد تخطت بالفعل الـ10 آلاف قتيل، فضلاً عن عشرات الآلاف من المصابين فى البلدين.
الكارثة أن الحصيلة لا تزال غير نهائية، إذ لا تزال جهود انتشال الضحايا من تحت الأنقاض تتواصل، ولا أحد يستطيع أن يجزم حتى الآن بالعدد النهائي الذي سيستقر عنده عداد الكارثة.
لكن، في التفاصيل.. الصورة أسوأ.. حصيلة القتلى فى تركيا إلى الآن تقترب من 3 أضعاف الحصيلة المكتشفة في سوريا، لكن هذا لا يعني أن الكارثة في سوريا أخف وطأة، بل ربما العكس تماماً.
الأرقام المعلنة في تركيا تضاعفت خلال ساعات قليلة من وقوع الكارثة، ما يعني أن جهود الانتشال تسير بوتيرة سريعة، وهو ما يعني أيضاً أن اكتشاف القتلى يترافق معه اكتشاف مصابين امتدت إليهم يد الإنقاذ قبل أن تقضي عليهم عتمة الأنقاض.
فى المقابل، الأمور لا تسير بنفس الوتيرة فى المناطق المنكوبة داخل سوريا.. أدوات الإنقاذ بدائية للغاية، والمساعدات الدولية تواجه صعوبة في الوصول إلى المتضررين نتيجة الاقتتال والدمار.
هنا، تتجلى مأساة سوريا الحقيقية! الدمار الذي لحق بمؤسسات الدولة على مدار نحو 12 سنة، وتآكل قدرتها على بسط السيطرة، عطّل بشكل مباشر قدرة نفس المؤسسات على التعامل مع كارثة كالزلزال، بعكس الوضع على بُعد أمتارٍ في تركيا، حيث تحركت مؤسسات الدولة إلى موقع الحادث وبدأت عملها.
الأدوات البدائية في سوريا، والعشوائية الواضحة في التعامل مع الكارثة من المواطنين هناك، هي مظاهر تستطيع أن تراها بسهولة ووضوح تام أثناء متابعة التغطية الإخبارية للكارثة.
المشكلة هنا أن الأنقاض لا ترحم، ومرور الوقت يعني حتماً تضاؤل فرص العثور على ناجين أحياء، والوقت يمر بالفعل نتيجة الأدوات البدائية المستخدمة.
إلا أن يتغمدنا الله برحمته.. فنحن ربما سنكون جميعاً على أعتاب حصيلة كارثية في سوريا سنكتشفها خلال الأيام المقبلة، حصيلة ستضع العالم كله أمام لحظة الحقيقة: كل من شارك في تدمير مؤسسات (أي دولة) هو قاتلٌ مع سبق الإصرار والترصد.
مؤسسات الدولة -أي دولة- هي أمان المواطن -أي مواطن- والعبث بمؤسسات الدولة هو عبث بحياة مواطنيها بكل ما تعني الكلمة، وإذا لم تتعلم الإنسانية ذلك الدرس من مشاهد سوريا، فهذه مشكلة كبرى! رحمة الله على من فقدوا أرواحهم، وألهم الله ذويهم والمصابين ونحن جميعاً، الصبر على المُصاب الجلل.
* كاتب مقدم برنامج "لمبة"على السوشال ميديا
- نقلاً عن "الوطن"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق