![]() |
الحسين أوطالب |
الحسين أوطالب *
كل من عليها فان، وحين يحين الأوان، سيطالنا الهلاك بعد الضعف والهوان، فبدايتنا الوجود ونهايتنا الإدبار، وإن كان البعث حتمياً، والآخرة حقيقة، فلترقد روحك الطيبة في نعيم الجنان، وإن عكس ذلك كان فبفراق أمثالك تغزو القلُوبَ الأحزان.
تخونني الكلمات وتخذلني العبارات وتلخبطت كثيراً قبل أن أجد مقدمة أستطيع عبرها أن أبدأ هذه السطور التي أريد من خلالها الحديث عن أيقونة الشاشة المغربية، الفنانة الفاضلة "خديجة أسد" سامية العطاء كبيرة السخاء، التي غادرتنا مؤخراً إلى حيث سيغادر جميعنا تباعاً ذات يوم.
ولعل تلخبطي في إيجاد عبارات مناسبة أرثي بها الفقيدة راجع لجهلي بمعلومات كافية عن تاريخها وسيرتها الفنية والمهنية، بسبب غيابها عن المشهد الفني الوطني لمدة غير يسيرة، واكتفت ببعض الأعمال المسرحية والتلفزيونية المحترمة، التي حسب ما شاهدناه واستخلصناه من مسيرتها ومشاركاتها، أنها اختارتها بعناية كبيرة قبل أن تخوض غمارها وتجسد أدوارها، كيف لا وهي من نأت بنفسها لا شعورياً بعيداً عن تعسف وغطرسة شركات الإنتاج ومسؤوليها، والشح المادي والإهمال والإقصاء الممنهج الذي يطال معظم الفنانين المغاربة الذين لا يجيدون الترويج لأنفسهم وسرقة الأضواء عبر اختلاق الإشاعات، وإذلال النفس في استعطاف المنتجين للحصول على دور ثانوي في عمل سوقي يدر عليهم بضعة دريهمات، زيادة على السفاهة والتفاهة التي يعيشها المشهد الفني المغربي رغم نشوة الشهرة و"البوز" التي تطبعه وتصاحبه.
كذلك ابتعدت الراحلة عن الأضواء وترفعت بمبادئها ومكانتها بشكل تكاد لا تبوح وتعترف به في خرجاتها الإعلامية المحتشمة العدد، وذلك بعدما تسللت البهرجة والثقافة الاستهلاكية العقيمة إلى ميدان اشتغالها، هذا الميدان الذي يعيش هو الآخر مجموعة من الإكراهات التي جعلته يتيه ويترنح بين المذاهب والدروب محاولاً أن يجد ذاته، ما جعله لحد الآن يفقد بعضاً من هويته، فلا هو عرف كيف يسلك طريق التحرر والانفتاح والعصرنة ويراوغ منعرجاته بسلاسة، ولا هو تمسك بجذوره وتشبث بأصوله وبقي هنيئاً في طبيعته وفي منطقة راحته داخل أرضه وبين جمهوره الذي ألف محدودية إصداراته وبخل عطائه.
ولعل أبرز عمل فني أستحضره والذي يربط ذاكرة المغاربة بالفقيدة هو السلسلة الكوميدية الرمضانية "لالة فاطمة" التي اشتهرت وذاع صيتها وقت صدورها بفضل تشخيصها وتعاطيها بشكل كوميدي ساخر للواقع الحقيقي والملموس للأسرة المغربية المتوسطة.
في هذه السلسلة مثلت الراحلة دور البطولة وجسدت بشكل لبق وشيق وراقٍ دور الزوجة والأم المغربية الذكية الفاطنة الأنيقة المواكبة للعصر، دون أن تزيغ بعصريتها الأصيلة على مبادئها ونبل أخلاقها، مبتعدة عن كل ما بوسعه تلطيخ صورتها الجميلة المحترمة المرسومة في أعين وذهن المغاربة.
ولعل أبرز عمل فني أستحضره والذي يربط ذاكرة المغاربة بالفقيدة هو السلسلة الكوميدية الرمضانية "لالة فاطمة" التي اشتهرت وذاع صيتها وقت صدورها بفضل تشخيصها وتعاطيها بشكل كوميدي ساخر للواقع الحقيقي والملموس للأسرة المغربية المتوسطة.
في هذه السلسلة مثلت الراحلة دور البطولة وجسدت بشكل لبق وشيق وراقٍ دور الزوجة والأم المغربية الذكية الفاطنة الأنيقة المواكبة للعصر، دون أن تزيغ بعصريتها الأصيلة على مبادئها ونبل أخلاقها، مبتعدة عن كل ما بوسعه تلطيخ صورتها الجميلة المحترمة المرسومة في أعين وذهن المغاربة.
فكان دورها في سلسلة "لالة فاطمة" لا محالة منطبقاً ومطابقا لطبيعة شخصيتها، حيث لم يكن يظهر عليها أنها تبذل جهداً لتتقمص الدور الذي مثلته، بل كانت عفوية غير متصنعة وغاصت دون شعور بتفان وإتقان وسط أجواء السلسلة، ما جعلها تحتل مكانة مرموقة في قلب المشاهد المغربي، حتى أن لكنة صوتها ونبرته الفريدة لا يزال صداها يتردد داخل القشرة السمعية التي يحتضنها الفص الصدغي لأدمغتنا، ويحدث ذلك في كل مرة نستحضرها ونتخيل أو نشاهد صورة لها.
وتميزت السلسلة كذلك بمشاركة رفيق دربها الفقيد "عزيز سعد الله"، الذي اتضح بعدما وافته المنية، أنه كان توأم روحها، وقد ظهر تأثير غيابه عنها، وشاهدنا جميعاً كيف تدهورت الحالة النفسية والجسدية للفقيدة وكيف فقدت بريقها واختفت عن الأنظار دون سابق إنذار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التعلق الكبير والحب الأسير الذي كانت تكنه لبعلها وحبيب قلبها.
وبعد مضي ما يقارب ثلاث سنوات من الفراق، لم تتحمل طعم الحياة بدونه وكأنها فقدت نفسها وكيانها حينما غادرها ظلها ونصفها الثاني، ما عجل بلحاقها به، لتدون بذلك آخر فصل في كتاب حياة هذا الثنائي المحترم الذي ترك بصمة جميلة في نفوس كل من عاش فترة أوج عطائهما وشاهد أعمالهما.
ورغم أن اللسان أداة تترجم أفكار دماغ الإنسان، إلا أنني وجدت صعوبة في الربط بين الأفكار واستخلاص العبر من قصة الثنائي "عزيز وخديجة"، وما يدور بمخيلتي وذهني ويأبى أن يخرج ويتشكل في كلمات أنيقة وعبارات صادقة تعبر بشكل دقيق وملخص عما توصلت إليه من مخرجات قد تكون وأعدها حقيقة إلى غاية أن يتضح العكس، هي كتلة من التساؤلات المشوشة التي تراودني وأنا أشاهد هذا المآل الذي آل إليه الوضع الصحي للراحلة، ومعها الكثير من النساء والرجال في كل ربوع العالم، بمجرد فقدانهم لأحد أحبائهم، فقضية العلاقات العاطفية بما فيها الزواج هي نوع من الإدمان الذي يرتبط لدى بعضهم بخوارزميات نفسية بسيكولوجية عميقة ومعقدة جداً قد تؤدي بضحاياها في العديد من المرات إلى الهلاك.
فلماذا يصعب أن تعود الأمور بعد الفراق إلى ما كانت عليه قبل اللقاء والارتباط؟ ولم نتشبث بالعلاقات العاطفية ونلهث وراءها، رغم أن مجملها تجعلنا فرائس اوضحايا تترصدها الأسقام لتطرحها الفراش، فاتحة المجال لتربص المنية بالأبدان لتضع حداً لواقعها المعاش!
فيتحول العدم الذي كناه قبل ولادتنا لفراغ مهول بعد وفاتنا، فيتألم ويحزن أقاربنا وأصدقاؤنا ومعارفنا لفترة، وتستمر الحياة ويتبادل الباقون الأدوار بين من يقدم التعازي في رحيل فقيد، ومن يبارك قدوم وليد، وبينهم الشاهد وفيهم الشهيد.
وتميزت السلسلة كذلك بمشاركة رفيق دربها الفقيد "عزيز سعد الله"، الذي اتضح بعدما وافته المنية، أنه كان توأم روحها، وقد ظهر تأثير غيابه عنها، وشاهدنا جميعاً كيف تدهورت الحالة النفسية والجسدية للفقيدة وكيف فقدت بريقها واختفت عن الأنظار دون سابق إنذار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التعلق الكبير والحب الأسير الذي كانت تكنه لبعلها وحبيب قلبها.
وبعد مضي ما يقارب ثلاث سنوات من الفراق، لم تتحمل طعم الحياة بدونه وكأنها فقدت نفسها وكيانها حينما غادرها ظلها ونصفها الثاني، ما عجل بلحاقها به، لتدون بذلك آخر فصل في كتاب حياة هذا الثنائي المحترم الذي ترك بصمة جميلة في نفوس كل من عاش فترة أوج عطائهما وشاهد أعمالهما.
ورغم أن اللسان أداة تترجم أفكار دماغ الإنسان، إلا أنني وجدت صعوبة في الربط بين الأفكار واستخلاص العبر من قصة الثنائي "عزيز وخديجة"، وما يدور بمخيلتي وذهني ويأبى أن يخرج ويتشكل في كلمات أنيقة وعبارات صادقة تعبر بشكل دقيق وملخص عما توصلت إليه من مخرجات قد تكون وأعدها حقيقة إلى غاية أن يتضح العكس، هي كتلة من التساؤلات المشوشة التي تراودني وأنا أشاهد هذا المآل الذي آل إليه الوضع الصحي للراحلة، ومعها الكثير من النساء والرجال في كل ربوع العالم، بمجرد فقدانهم لأحد أحبائهم، فقضية العلاقات العاطفية بما فيها الزواج هي نوع من الإدمان الذي يرتبط لدى بعضهم بخوارزميات نفسية بسيكولوجية عميقة ومعقدة جداً قد تؤدي بضحاياها في العديد من المرات إلى الهلاك.
فلماذا يصعب أن تعود الأمور بعد الفراق إلى ما كانت عليه قبل اللقاء والارتباط؟ ولم نتشبث بالعلاقات العاطفية ونلهث وراءها، رغم أن مجملها تجعلنا فرائس اوضحايا تترصدها الأسقام لتطرحها الفراش، فاتحة المجال لتربص المنية بالأبدان لتضع حداً لواقعها المعاش!
فيتحول العدم الذي كناه قبل ولادتنا لفراغ مهول بعد وفاتنا، فيتألم ويحزن أقاربنا وأصدقاؤنا ومعارفنا لفترة، وتستمر الحياة ويتبادل الباقون الأدوار بين من يقدم التعازي في رحيل فقيد، ومن يبارك قدوم وليد، وبينهم الشاهد وفيهم الشهيد.
مجاز في القانون الخاص/ ومدون على بعض المواقع الإلكترونية، المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق