![]() |
محمود كحيل وأسامة الشوبكي |
غزة: هدى بشير
الحياة عبارة عن عجلة تدور وتدور وتتطور التكنولوجيا لمواكبة العصر، وهناك وسائل نحتفظ بها لرونقها وتبقى أثرها وتصبح من التراث القديم، إلا رونق الدراجة الهوائية "البسكليت" واكبت كل العصور وفي كل مرة تتطور وتصبح بهيئة جديدة.
وهكذا الرفيقان الفلسطينيان محمود كحيل وأسامة الشوبكي في عجلة بسكليت الحياة، ويتشاركان المهنة منذ أكثر من (35 عاماً)، في بيع وإصلاح الدراجات الهوائية بيدين ملطختين بالزيوت وغبار آلات التصليح والإطارات.
في محل تجاري وسط الأحياء القديمة في غزة لبيع الدراجات الهوائية الجديدة، وورشة لتصليح الدراجات بعدتها الكاملة التي تستخدم، وما تبقى من عدة توارثها محمود كحيل (69 عاماً) من أبيه التي لا يفرط بها لقيمتها المعنوية في داخله.
ليعبر في لقائه مع منصة باث أرابيا قائلاً محمود كحيل "طلبت من أولادي ما يرموا شي من عدة التصليح في الورشة طول ما أنا عايش بعد ما أموت إيش ما بدكم اعملوا"، معبراً عن أن قيمة الشيء لا تنتهي بانتهاء صلاحية فهناك الكثير من العدة يحتفظ بها من رائحة والده، وذكريات الطفولة التي كان يشارك والده فيها في المحل منذ 50 عاماً.
يقول كحيل: "إن مهنة تصليح الدراجة كانت هواية وعشقاً لركوب الدراجات"، سارداً ذكريات الطفولة التي كان يهرب من الدراسة في المنزل ويجلس بجوار والده ويتعلم بصمت وبدأ يساعده رويداً رويداً إلى أن أصبح يداوم بشكل يومي عند انتهائه من الدراسة، ويستطيع أن يصلح جميع الدراجات؛ لأنه يواكب كل جديد في تطور البسكليت من دراجة هوائية والتي تعمل على البطارية ومن يشحن بالكهرباء.
يتابع "منذ خمسة عقود وأنا أعمل في بيع وتصليح الدراجات الهوائية، فهي تعد مصدر دخل لي ولعائلتي، لأنها متعددة الاستخدام ولا يمكن الاستغناء عنها، واقتصادية جداً ولا يوجد بيت يخلو من وجود الدراجة فيه، ناهيك عن قطع الغيار المتوافرة وبسعر مناسب للجميع".
ويشير أنه معروف بين أصحاب محال تصليح الدراجات قائلاً "أبو محمد بقدر يدبرها ويصلحها هالدراجة"، مؤكداً أن هذه المهنة ترعرع عليها وسيبقى يصلح الدراجات حتى مماته.
ويضيف كحيل "الوضع الاقتصادي الذي يمر به المجتمع الفلسطيني أدى إلى ضعف الإقبال على شراء الدراجات الهوائية بسبب غلاء الأسعار، منوهاً أن ركوب الدراجات الهوائية رياضة للجسد".
![]() |
محمود كحيل وأسامة الشوبكي |
ليقاطعه كحيل ممازحاً "عينه نقده يقعد يتفرج علي واتعلم الصنعة مني"، ليكبر مشروعهم معاً ويستمر عملهم في تجارة وتصليح الدراجات واستيرادها من الخارج على مدار ثلاثة عقود، وبرغم خسارتهم لمخزن الدراجات عند نشوب حريق بسبب انقطاع تيار الكهرباء المتكرر، إلا أن الشوبكي قال مبتسماً "يا عم التجارة ربح وخسارة" مؤكداً أن التجارة أخلاق وسمعة وبركة من رب العالمين.
ويشير الشوبكي إلى أنه لا يمر يوم دون أن يذهبوا معاً إلى صلاة الفجر، برغم أن كلاً منهما يقطن في منطقة مختلفة إلا أن صحبتهم أكثر من أخوة قائلاً "احنا عشرة عمر والروح معلقة مع بعض"، مضيفاً أن السمعة الطيبة مصدر ثقة للزبون وعودته في كل مرة للشراء.
يذكر أن الوضع الاقتصادي في غزة لا يسمح باقتناء الدراجات قائلاً "الوضع اليوم صعب على الجميع، وليس باستطاعتنا أن نبيع الدراجات عن طريق التقسيط أو الدين".
ويؤكد الشوبكي أنه "في الوقت الماضي حين يشتري أحد ما دراجة، كان الأشخاص يباركون له، أما تطورات الحياة اليوم جعلت الكثير يشترون السيارات بشكل فوري وسريع دون جهد كبير مثل السابق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق