![]() |
كريم صبحي علي |
كريم صبحي علي *
أصبحنا الآن نعيش في عالم يعلم فيه القاصي والداني جيداً بأن هناك أزمة اقتصادية عنيفة تضرب كل دول العالم بلا أي استثناء، وهذه الأزمة الاقتصادية العنيفة، والتي ربما لم يرَ العالم مثلها مُنذ حوالي عقود طويلة جداً، خارجة عن إرادة الجميع، وهذا لأنها قد حدثت بالفعل نتيجة صراعات بين القوى الكُبرى في العالم، وأيضاً نتيجة إغلاق تام حدث لقُرابة عامين لمواجهة أزمة جائحة فيروس كورونا، وبالتالي فإن تلك المصائب والكوارث المُتتالية والمُتلاحقة نتج عنها تلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة، والتي أصبحنا نعيش جميعاً فيها الآن.
ولكن دعونا الآن نتكلم عن تلك الأزمة الإقتصادية من منظور عربي فقط، وهذا لأن كل الدول العربية الآن من المُحيط إلى الخليج تضررت بالفعل من تلك الأزمة الاقتصادية، والتي من الأساس نحن كعرب ليس لنا أي ناقة فيها ولا جمل.. ولكن هذه هي طبيعة العالم الآن، والذي أصبح كأحجار الدومينو فعلياً وبدون أي مُبالغة، فإذا قُمت بإيقاع حجر واحد فقط، فستقع خلفه كل أحجار الدومينو بلا أي استثناء، وها نحن الآن على مشارف استقبال شهر من أعظم شهور السنة، ألا وهو شهر رمضان الكريم.. وهذا الشهر من المعروف عنه أنه شهر الخير والإحسان وإطعام الطعام وإخراج الصدقات والزكاة وقراءة القرآن الكريم وفِعل كل العادات الطيبة التي نتقرب بها جميعاً من الله عز وجل وغيرها الكثير والكثير من كل أشكال وأفعال الخير.. ولهذه الأسباب يرتبط دائماً إسم شهر رمضان بالكرم، فأصبح الشعار والعنوان الرئيس لشهر رمضان هو (رمضان كريم).
ولكن السؤال الذي يدور في عقلي الآن هو لماذا يزيد الكرم في شهر رمضان فقط، ولا يكون مُتزايداً في باقي أيام السنة؟ ولماذا دائماً نقوم بتحضير (كرتونة رمضان) و(شنطة رمضان) فقط؟ ألا يستحق الفقراء الآن في كل ربوع الوطن العربي الكبير بجميع دياناتهم ومُعتقداتهم وانتمائاتهم وطوائفهم بأن يحصلوا على (كرتونة أو شنطة) من المواد الغذائية في اليوم الأول من كل شهر جديد على مدار العام بالكامل؟ على الأقل لنفعل ذلك حتى تنقشع تلك الغُمة الاقتصادية، وتعود الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى.. ولكن في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة لا بُد أن نتكاتف جميعاً للبحث والتنقيب عن كل المُستحقين الحقيقيين من الفقراء والمساكين، والذين أصبحوا حرفياً لا يستطيعون جلب قوت يومهم نتيجة توقف الكثير من القطاعات والأعمال العامة والخاصة بسبب هذه الأزمة الاقتصادية العالمية المُميتة فأجبروا جميعاً على ترك وظائفهم، وأصبحوا الآن جالسين في بيوتهم ينظرون لأولادهم بحسرة شديدة لأنهم أصبحوا عاجزين عن توفير أبسط احتياجات الأسرة والمنزل.
وفي الختام دعوني أوجه رسالتي هذه إلى كل القادرين في كل أرجاء الدول العربية، سواءً كانوا من طبقة الأثرياء أو حتى كانوا من الطبقة المتوسطة، وأقول لهم أرجوكم فليفعل كلّ منا ما يستطيع أن يفعله من أجل إيصال أي مواد غذائية أو حتى ملابس سواءً كانت مُستعملة أو جديدة إلى كل المُستحقين بحق، وإلى كل من فقدوا وظائفهم نتيجة تلك الأزمة الاقتصادية، وأصبحوا غير قادرين على توفير قوت يومهم.. وإذا كنت أنت من الأثرياء وقادراً على تعبئة كرتونة كبيرة من المواد الغذائية وإيصالها إلى مُستحقيها، فافعل ذلك من دون أي تردد في كل الشهور المقبلة وليس في شهر رمضان فقط، وإذا كنت أنت حتى مُجرد موظف بسيط أو عامل ولكنك مازلت مُحتفظ بعملك ولديك دخل مادي ثابت شهرياً فلتحمد الله إذاً على نعمة احتفاظك بعملك، ولتقُم بإخراج كل ما تستطيع إخراجه وحتى ولو كان القليل من أجل تحضير كرتونة مواد غذائية، ولو كانت حتى من الحجم الصغير وإيصالها إلى مُستحقيها، ولتقُم أيضاً بتشجيع كل معارفك وزُملائك في العمل على الاشتراك معاً في هذا الخير العظيم، وليكن كذلك على مدار العام بالكامل، وليس في شهر رمضان فقط.. وصدقني ستجد أن الله عز وجل سيفتح لك أبواب الخير والرزق من كل اتجاه، وليكُن شعارنا في المرحلة المقبلة حتى تُزال وتنقشع تلك الغُمة الاقتصادية هو (معاً سنجعلهُم 365 يوم رمضان).. ليعُم الخير في كل أيام السنة، وليس فقط في شهر رمضان الكريم.
* دبلوم فندقي، مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق