الإبداع والفن .. قراءة في كتاب فن الإلقاء - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


3/14/2023

الإبداع والفن .. قراءة في كتاب فن الإلقاء

مشاهدة
غلاف كتاب فن الإلقاء

محمود حسانين *

ليس من الطبيعي أن يبدأ تعريف الكتاب من نهايته، ولكن عندما تكون أمام كتاب استثنائي، لا بد أن تختلف القوانين، فلقد جاء إهداء هذا الكتاب الموسوعي الصغير في نهايته، حيث جاء إهداء تلك الطبعة التي صدرت عن الهيئة العامة للكتاب سنة (2019) مذيلة من أحفاد الفنان "عبدالوارث عسر" في آخر صفحاته، حتى تكون برقية حب وود ودعاء له، فقد كان الإهداء بنص الحديث النبوي "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
(وقد حباك الله بالثلاثة، نسأل كل من ينتفع بهذا العلم بالدعاء لك، والترحم عليك بقدر استفادته من علمك.. أحفادك.. مها عسر، سماح عسر.. محمد التاجي).

بهذا ينتهي إهداء الكتاب وبهذا تبدأ رحلتنا معه.

يقول الفيلسوف وعالم النفس ويليام جيمس: "لقد كان أعظم اكتشافات في عصرنا، هو أننا نستطيع تغيير المظاهر الخارجية لحياتنا، عن طريق تغيير الأوجه الداخلية لتفكيرنا".

هذا بالضبط ما أنتجه مفهوم العصر الحديث، وهو تغيير كل ما هو ثابت وراسخ في الأذهان، من كل ما جادت به فكرة ما بعد الحداثة، جعلها تطيح بكل ذلك، بظهور منطق التماهي والذوبان في كل ما يحيط بالإنسان، وفي رحلة عبر فن الكلام المغاير لكل الفنون المعاصرة، نبحر في قراءة لكتاب فن الإلقاء للفنان الراحل عبدالوارث عسر (1894 -1982).

يعد من أشهر من مثلوا بالسينما والتلفزيون في مصر وفي الوطن العربي، كان والده محامياً ناجحاً، يتمنى لابنه أن يكون مستقبله خلفاً له، واجتهد لكي يتعلم كما ينبغي، فأدخله الكُتاب ليتعلم تجويد القرآن، وكان شغوفاً أثناء دراسته للبكالوريا بمشاهدة العروض المسرحية، أتقن الفتى فن الإلقاء بعد ذلك، وعلمه لكثير من النجوم في السينما المصرية، وكان عضو نقابة المهن التمثيلية، وعضواً بارزاً في جمعية أنصار التمثيل.


جذور الهواية والإبداع:

كان عبدالوارث عسر يمارس عمله في فن التمثيل، خاصة في فرقة عكاشة إلى جانب عمله الحكومي، ومثّل في نحو ثلاثمائة فيلم سينمائي، وعمل مدرساً للتمثيل بمدرسة التوفيقية (1926) وأستاذاً لفن الإلقاء بمعهد السينما (1967) بكلية الإعلام في جامعة القاهرة.

ومن خلال القراءة في كتابه الممتع، الذي نحن بصدده نجد الكاتب يرسخ الهوية لفن الإلقاء بقوله:

"هذا كتاب الإلقاء أعتقد أني جمعته وبه كل ما يتعلق بالإلقاء، والإلقاء كما عرفته هو تمام على الصورة التمثيلية في "شخصيتها" وما يعتريها من انفعالات تنطق بها الملامح والحركة، ثم تجيء "الكلمة" متممة ومبينة، فلا تتم "الشخصية" إلا بالأداء، ولا نفصل الأداء عنها، بل هو نابع منها متجانس معها."

ويشير بقوله شارحاً عما سوف يتضمنه الكتاب بقوله:

"ربما يظن القارئ لأول مرة، أنني سأرجع به إلى أقوال زعماء هذا الفن منذ عهد الأغاريق إلى المجال الأوروبي، غير أن القارئ سيجد اتجاهاً آخر نحو جو "عربي" رغم ما نعرفه جميعاً من أن العرب لم يتخذوا من الفن التمثيلي منهجاً، ولم يزاولوه عملياً، ولم يحاولوا أن ينشئوا مسرحاً حتى أواخر القرن الماضي."

إعادة اكتشاف الكلمات:

يقول كولريدج: "القوة الحيوية في كل إدراك إنساني".

نعم لقد كان إدراك الحس الفني في حياة عبدالوارث عسر، هو دافعه إلى محاولة تطوير وإيضاح الفكرة والمضمون، ولقد وقف مواجهاً دوره في فيلم "سلامة" لأم كلثوم عندما وجد أن الشخصية قد لا تنطبع عليها، وكاد ذلك أن يسبب له المشاكل، وقد شارك بمنهجه في كتابة سيناريو فيلم "غزل البنات" ليخرج بصورة مرضية، وكانت تلك أدوار من كواليس العمل الفني، وغيرها الكثير، ولكن ترسيخه لدور الفنان المبدع كان بتعريفه لفن الإلقاء، وقد عرض نماذج من هذا الفن المهدور حقه، بغرض الدراسة العلمية لهذا الفن في كتابه بقوله:

"هذه الدراسات سميناها "فناً" ولم نسمها "علماً" لأنها تعتمد في أساسها على التذوق والجمال، قبل اعتمادها على القواعد والقوانين، وما القواعد والقوانين إلا "المادة" التي يظهر فيها "الأثر الفني" مثلها كمثل الجسم الإنساني من حيث هو المجال الذي يظهر فيه أثر "النفس" ولن تغني ضخامة الجسم وقوته عن تفاهة "النفس" وضعفها، وكذلك لا يغني "العلم" شيئاً إذا ضعفت أو انعدمت "الفطرة الفنية" التي لا يمكن أن تكتسب اكتساباً، وإنما يخلقها الله مع نفس الإنسان."


الشاعرية الفنية:

وقد أدرك أهمية الحس الفني للنظم الشعرية والوزن وارتباطها بالموسيقا حتى لا تصبح جوفاء، فيقول:

"الذي يدرس الموسيقا يستطيع أن يعزف لك أنغاماً في "مقام" مضبوط "وإيقاع" سليم، ولكنها قد تصور لك صوت الآلات في وابور الطحين.

ويشير إلى أهمية دراسة العروض للمهتم بالهواية، فيقول:

"الذي يدرس علم (العروض) يستطيع أن ينظم أبياتاً موزونة مقفاة في أي موضوع، حتى ولو كان (دليل التليفونات) ومن أمثلة ذلك ما نظمه بعض العلماء في بعض العلوم، مثل ابن مالك حين جمع قواعد "علم النحو" في ألف بيت سميت بألفية ابن مالك، ولا يمكن نسلك مثل هذا الكلام في ديوان الشعر، وإنما هو نظم قصد به تيسير الحفظ على الطالبين.

ثم ينطلق ليعرف علم التجويد إلى أقرب صورة ذهنية للفنان بوصفها شاعرية فنية فيقول:

"ونحن نلاحظ في كثير ممن درسوا علوم النطق أو كما نسميها "علوم التجويد" وعلموا مخارج الحروف وصفاتها وأحوالها، إن بعضهم ينطق بالكلام، وهو يقتلعه من حنجرته اقتلاعاً، كما يقتلع قدميه السائر في أرض موحلة، وما ذاك إلا لأنه أثناء الدرس والتمرين، مكلف بالمبالغة في "الضغط" عل الحروف، وعلى الأجهزة التي تشترك في النطق بالحروف، لكي تقوى هذه الأجهزة بالحركة القوية، التي تشبه حركة الألعاب الرياضية، حتى تستطيع إظهار كل حرف بالإيضاح والبيان اللازم، ثم يقف هذا الدارس عند حدود هذه المبالغة، لأنه لم تسعفه نفحة من "الشاعرية الفنية" تجمع لمنطقة بين الوضوح والجمال."

ثم يستطرد وهو يوصف تلك الحالة بوصف فني جميل بقوله:

"وهكذا ندرك كيف تعبث القاعدة بالفن، أو كيف تعبث المادة بالروح، ومن إدراكنا لهذه الحقيقة نستطيع أن نمضي في دراستنا على هدى من العلم والفن جميعاً."

الإلقاء عند العرب بين الصورة والشعرية والموسيقا:

يشير الكتاب إلى قول الجاحظ:

"ينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار المعاني، يوازن بينها وبين أقدار المستمعين، وبين أقدار الحالات، فيجمل لكل طبقة من ذلك كلاماً، ولكل حالة من ذلك مقاماً، حتى يقسم أقدار الكلام على أقدار المعاني، ويقسم أقدار المعاني على أقدار المقامات، وأقدار المستمعين على أقدار تلك الحالات."

بدأ الإلقاء عند العرب بالصورة والأداء التمثيلي ثم بموسيقا الشعر وغيرها، ولقد وصفه ببدء الخطابة عندهم عندما شرح ذلك بقوله:

"لقد عرف الإنسان الخطابة في المنشور والإنشاد في المنظوم، ثم أضاف إليهما الصورة والتمثال والموسيقي، فتمت له هذه الأداة الفعالة في التعبير، بل نستطيع أن نقول إنها أداة جمعت كل وسائل التعبير التي عرفها الإنسان، وذلك هو الفن التمثيلي.

فهو على أي صورة فن أدبي يعتمد على بلاغة الحوار کما يعتمد على بلاغة البناء الروائي

الإلقاء عند الأوروبيين:

يقول في مقدمة هذا الفصل:

لا يصح الحديث عن الفن التمثيلي في أوروبا قبل أن نرجع به إلى أصوله الأولى، عند الشعب الإغريقي، وكذلك لا يصح الحديث عن الإغريق، قبل إلمامة ولو قصيرة عن المنبع الذي أخذوا عنه فنهم، وهو الشعب المصري."

وربما غابت هذه الحقيقة عن بعض الدارسين للفن التمثيلي، وربما أغفلها أساتذة هذا الفن من الأوروبيين لسبب أو لآخر، غير أني أمهد للقارئ طريق إثباتها في بضع سطور."

فيوضح ذلك بقوله:

"ليس صحيحاً ما ذهب إليه بعض المؤرخين من أن (بابل) و(الصين) كانت أصل المدنية، بل الحقيقة ما أثبتها العالم الإنجليزي (جرافتون أليوت سميث) محرر الفصل الخاص بعلم طبائع البشر (أنثروبولوجيا) حيث يقول:

"مصر مهد المدنية، لا بابل ولا الصين كما يذهب إليه البعض، وإن دراسة البناء في الأهرام وغيرها، ودراسة التحنيط، أثبتت أن الفنون انتشرت من مصر حتى "غينيا الجديدة" ثم "أستراليا" ثم عبرت "الباسفيك" إلى "أمريكا" الوسطى والجنوبية، وأن المصريين في سعيهم للبحث عن "النخاس" جابوا البلاد إلى (بخاری) ثم (أواسط سيبيريا) واكتشفوا الذهب وحجر (الشب -سليكات المغنيسيا) بأرض الصين، وأنهم هم الذين غرسوا فعلاً بذرة المدنية في الصين"

ويقول:

"إن كهنة المصريين نشروا عبادة آلهتهم، ثم عبادة الشمس في العالم منذ أواخر الأسرة الرابعة، ووضعوا عقائدهم في قالب يتمكنون به من القبض على زمام الحكومة، وأن هذه العقائد انتشرت عنهم في جميع أنحاء الأرض، من (إنجلترا) إلى "بيرو" بأمريكا الجنوبية."

ويؤكد أن الفن التمثيلي لم تظهر بوادره في بلاد اليونان، إلا في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، على ما هو معروف عند العلماء، فيقول:

"لم يظهر التمثيل في بلاد اليونان، إلا بعد أواسط القرن الخامس، وبالتحقيق بعد عودة (هيرودتس) وطنه وكان عبارة عن شاعر ينشد وجوقة أو (كورس) يردد بعض مقاطعه، كان من تقاليد هذه (الجوقة) أن تضع على أكتافها جلود الماعز، وفي وصف "هيرودتس" أن للقصة أتباعاً ستة كانوا يسعون على أكتافهم جلود الخنازير البرية."

ويرشد القارئ إلى الاطلاع لمعرفة أصل تلك القصة بقوله:

"القارىء الذي يريد تفصيلاً لتمثيل القصة المقدسة، يستطيع أن يرجع إلى كتاب الأستاذ "سليم حسن" في الأدب المصري القديم."

ويشرح تمثيل تلك القصة بأنها لم تكن أول مظهر للفن التمثيلي في مصر على كونها لست البداية كما ذكر (بيترى):

" إن الكهنة وضعوا عقائدهم في قالب يتمكنون به من القبض على زمام الحكومة"

والذي استطاعوا بواسطته أن يحولوا التماثيل الجامدة للآلهة، إلى شخوص متحركة حين مثلوا هذه الآلهة، أولاً في إقامة الصلوات على جثث الموتى أثناء عملية التحنيط.


فن النطق:

ولأهمية نطق الكلمة والحرف الصحيح، قد أخذ مراحل من الإنسان فقد بدأ بالتهجي، كما فعل (رفاعة الطهطاوي) عندما أراد تعلم اللغة الفرنسية، فتعلم نطقها قبل أن يتعلم كتابتها، بل إنه لم يحاول أن يستخدم نطقها المطلق بل اكتفى بما حصله من معرفة المعنى من وراء هذه الكلمات فيقول "صالح مجدي" في كتابه (حلية الزمن) إنه "لم يحفل بحسن التلفظ -باللغة الفرنسية-، لانشغاله عن تهذيب نطقه بها، بالانهماك على الترجمة منها إلى اللغة العربية، لمجرد اقتداره على فهم بديع معانيها، والتسلق على رفيق مبانيها."

إذاً هذا ينطبع على ما قاله الفنان عبدالوارث عسر بأن فن النطق من المهم أن يوضح ألفاظه ومعانيه "هو فن النطق بالكلام على صورة توضح ألفاظه ومعانيه".

وقد أشار إلى أن "قواعد النطق التي ابتكرها العرب من أجل القرآن بالذات، أخذتها عنهم شعوب الأرض بعد ذلك، وكانت صمام الأمان من انحراف الألسنة، وحفظاً على كل لغة من الاندثار هو كيفية النطق بها، وإن لم تندثر في كلماتها وبناء جملها، فنحن نعرف اليوم لغة القدماء المصريين مثلاً، كما نعرف كتباً من اللغات القديمة، والعلماء يقرؤون ما كتب على الآثار وأوراق البردي، ولكن هل يستطيع أحد أن يؤكد عن يقين، كيفية النطق في اسم (رمسيس) أو (حتشبسوت) أو (توت عنخ آمون) کما كان نظمها المصريون في تلك الأزمنة المغرقة في القدم.

وهنا يلفت انتباهنا إلى أهمية عظيمة لم يلتفت إليها غيره حينها، وهو كيف كانت طريقة نطق تلك الكلمات وكيف كانت تنطق الحروف، فالعبرية والسريانية، ما زالت تنطق حروفها بكلمة عربية كاملة ومضبوطة ومدققة، حتى تستطيع أن تصل إلى معناها، وقد وضع شرحاً للإجابة عن هذا السؤال بقوله:

"للجواب على هذا السؤال علينا أن ننظر إلى رسم بعض الكلمات في أي لغة حديثة، ثم تقدر أن قواعد النطق لم توضع، ثم جاء خلق جديد من الناس بعد ألف سنة مثلاً، فعلموا حروف هذه اللغة، كما علمنا نحن حروف المصرية القديمة أو القبطية أو الهندية القديمة، فكيف يشرح للناس بعد ألف سنة أن ينطقوا الكلمة الإنجليزية (school) على أن يغفلوا نطق حرف(u)  كما يفعل الإنجليز اليوم، وكيف يتاح لهم مثلاً أن ينطقوا حرف  (ch) الألماني وأن يفرقوا بينه وبين حرف "sch" في اللغة نفسها".

ولو شئنا أن نضرب الأمثلة على هذه الظاهرة لأحصيناها في أغلب لغات العالم، وهي ظاهرة توضح لنا جدوى هذه القواعد التي ابتكرها العرب في صدر الإسلام وأخذتها عنهم شعوب كثيرة، وبفضل هذه القواعد أصبحنا على بينة من نطق لغتا العربية كما كانت تنطق في إبانها، وكما كانت تجرى بها ألسنة أهلها من قبل أن توضع القواعد."

ويضيف:

"ليست معرفة أية لغة في كلماتها وأجروميتها، كافية للنطق بها نطقا سليماً، ونعني بالنطق السليم، نطق أهل هذه اللغة أنفسهم، وهذه ظاهرة واضحة نتبينها، في من يتعلمون الإنجليزية مثلاً، من أبناء الشعوب غير الإنجليزية، فإن نطقهم يختلف عن نطق الإنجليز في بلادهم، مهما كان نصيب المتعلم كبيراً وإلمامه بالبناء اللغوي كاملاً، اللهم إلا إذا اختلط بالإنجليز أنفسهم، وتدبر نطقهم وتمرن عليه زماناً كافياً."

وهذا يرجعنا على ما ذكرناه عن رفاعة الطهطاوي عندما أراد تعلم اللغة الفرنسية.

ويقسم طريقة النطق ومخارج الحروف وصفاتها إلى أقسام مثل (الجوف) وهو مخرج واحد لا فرع له، و(الحلق) وفيه فروع ثلاثة، أقصاه، ووسطه، وأعلاه. و(اللسان) وفيه أربعة مخارج فرعية، أقصاه، وأوسطه، ونهايته، وحافته، و(الشفتان) ولهما مخرجان الأول بانطباقهما معاً، والثاني بانطباق باطن الشفة السفلى مع أطراف الأسنان العليا، و(الخيشوم) وهو داخل الأنف من أعلاه .. ولا فروع له.

ثم يشرح "التركيز والسكتات والتمبو" ثم يربط بين كل ما سبق وبين الشخصية التكوينية للإنسان.

الشخصية والغريزة:

ويتحدث عن الشخصية الإنسانية بوصفها نظاماً متكاملاً من مجموعة خصائص مثل "الخصية الجسمية والخصية الوجدانية والخصية النزوعية، والخصية الإدراكية.

ثم يستشهد ببعض الآراء المختلفة نحو الغريزة فيذكر:

تعريف بعض "النفسيين" لها بأنها "هي الدافع الحيوي الأصلي لنشاط الكائن الحي حفظاً لبقائه وذلك بالإقبال على الملائم والإحجام عن المنافي."

وقول بعضهم:

"هي ضرب من السلوك يعينه "التركيب العضوي الفطري"

كما يذكر قول برنان Brannen العالم النفساني:

"هي نظام فطري من قوى نفسية عضوية تتيح لصاحبها أن يتعرف تواً نفع أشياء ما أو ضررها وأن ينفعل تبعاً لهذا التعرف".

ثم يشرح بعد هذه التعريفات معنى (الغريزة) بقوله:

" شمول الغريزة هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها فإن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في توافق ووئام مع نفسه إلا إذا أشبع غرائزه الأولية جميعاً، على النحو الذي يرضى."

ثم يضيف "وهذا النحو الذي يرضيه هو الذي يعين شخصية الإنسان بتعيين الغريزة الأولية الغالبة عليه وبتعيين أسلوبه الخاص في سلوكه لإشباع غريزته.

هو "السلوك البدائي" أو "الغريزي" فهو كما يعرفه (كلاباريد) العالم السويسري: "عمل ملائم يؤديه أفراد الجنس الواحد جميعاً على نحو مطرد وبدون سابق تعليم ولا معرفة للغاية منه ولا للصلة بين الغاية ووسائل تحقيقها".

وينتهي لخلاصة ما يقال في السلوك الغريزي "بأنه تصرف الإنسان الأول" بطبيعته قبل أن يدرك شيئاً من العلم أو المدنية.

وبعد كل هذا التطواف في عوالم هذا الكتاب نستطيع أن نقول إن عبدالوارث عسر كان فناناً وأديباً ومعلماً وموسوعيّاً.

كاتب وله منشورات عدة، مصر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق