![]() |
حمزة الشماري |
حمزة عبده الشماري *
الكثير من شباب اليمن أخذت بهم الخطى إلى الهجرة البعيدة في هذا الوجود، على أمل أن يظفروا في ما تبقى من أعمارهم بالعيش الهادئ والمسالم الذي يخفف عن كاهلهم إحساس الضيق والكآبة التي يصحون على وقعها كل يوم، فيما غابت عنهم شمس الحلم وتلاشت من أمامهم الآمال العريضة، نتيجة الحروب المرهقة في كل زمن، وتنامي ظلم الإنسان للإنسان، وطغيان الصراعات الموحشة التي لا تفتح أفق العيش الكريم، ولا تبدد عتمة الهموم والمعاناة اليومية، ولا تقشع سواد الظلمة الحالكة عن النفوس الحائرة.
حيث لم يعد في أذهان الأفكار النقية والبريئة أي شك بأن هذه الأحوال والظروف القسرية لم تعد مناسبة للتوقعات التي ظلوا يحلمون بها على مر السنين والأعوام، مما صار التعلق بآخر ضوء من نفق الحياة، هو الهاجس الذي يؤرق الكثير، والسبيل الوحيد الذي يراودهم بالوصول الى ذلك المكان الوديع الذي تختفي فيه العدوانية وتعم السكينة وتقاوم تجاعيد الزمن المحيطة بهم، برغم صعوبة الوسيلة المرّة وترقب الموت في أي لحظة، وركوب المخاطر والأهوال التي قد تلحق بهم الأذى أو الهلاك.
والأشد غرابة أن حالة الضيق تعتلي وجوه حملة الشهادات العلمية وذوي الكفاءات المتفوقة وبادية على جبينهم بوضوح، وهو ما يقابله ذلك الحماس والإصرار العجيب على المغادرة إلى غير رجعة، وتفضيل الرحيل المؤلم الذي يستنزف العقول من دون أدنى شعور بالخسارة على الوطن، حتى أوصلتهم القناعة إلى التلويحة بالوداع الأخير، الذي يطير بهم نحو شواطئ الحلم أو النهاية على قارعة الطريق.
شعورٌ قاسٍ ونحن نبحث عن مكان يؤوينا من جحيم الواقع، كل شيء في كياننا بدأ يهرب منا ونحن نهرب منه، نتجرع الآلام ونصاب باليأس والقنوط من التغيير؛ لأننا أيقنا بالهزيمة، إحساسنا بالأمان بات يتسرب من أيدينا في كل مكان من الوطن وداخلنا يفور من انكسار الحلم وتوالي الخيبات، إحساسنا بالضجر مبعثه أن كل شيء بدأ ينهار، ومساحات التشتت تجول أمامنا وتلقي بنا في بحر عذاباتها، نحمل آهاتنا داخل قلوبنا ونشق طريق الهجرة بعيداً عن عالمنا الذي كنا نرسمه بالوطن، حيث صارت الأحوال تقذف بشبابنا نحو الاغتراب البعيد وكأن قدرهم أن يصبحوا مجرد ذكرى أليمة على جدار الوطن.
أن يقرر الإنسان الهرب والتعلق بفرص النجاة، هذا دليل على أن الأوضاع ما عادت تطاق وجبال الصبر التي كانت تمده بقوة التحمل لم تعد تغريه، واللهث وراء السراب أحياناً أجدى من الأوهام المحصور في فلكها، بل إن الدرب المليء بالآلام والمتاعب لا يسعفها سوى المحاولة الأخيرة التي تذهب به الدنيا إلى رحلة المجهول.
كيف لنا أن نعاتب أحداً أكمل سنين دراسته وتفوق على أقرانه بالعلم، ولم ينل التشجيع ولا حق الوظيفة، وكيف لنا أن نحارب الهروب الكبير والقفز نحو المجهول ولا نملك الإرادة في وقف الحرب، وهل لنا أن نقلق على شبابنا وهم يهيمون في الفيافي والقفار وحقيقة الواقع تجرهم للرحيل؟
لا نأسف على شيء طالما بقية أعمارنا تعيش مع الأحزان كل يوم وأصوات المدافع تنهش في أجساد اليمنيين.
إذ لا أسوأ من الحروب، إلا الحروب ذاتها.
والأشد غرابة أن حالة الضيق تعتلي وجوه حملة الشهادات العلمية وذوي الكفاءات المتفوقة وبادية على جبينهم بوضوح، وهو ما يقابله ذلك الحماس والإصرار العجيب على المغادرة إلى غير رجعة، وتفضيل الرحيل المؤلم الذي يستنزف العقول من دون أدنى شعور بالخسارة على الوطن، حتى أوصلتهم القناعة إلى التلويحة بالوداع الأخير، الذي يطير بهم نحو شواطئ الحلم أو النهاية على قارعة الطريق.
شعورٌ قاسٍ ونحن نبحث عن مكان يؤوينا من جحيم الواقع، كل شيء في كياننا بدأ يهرب منا ونحن نهرب منه، نتجرع الآلام ونصاب باليأس والقنوط من التغيير؛ لأننا أيقنا بالهزيمة، إحساسنا بالأمان بات يتسرب من أيدينا في كل مكان من الوطن وداخلنا يفور من انكسار الحلم وتوالي الخيبات، إحساسنا بالضجر مبعثه أن كل شيء بدأ ينهار، ومساحات التشتت تجول أمامنا وتلقي بنا في بحر عذاباتها، نحمل آهاتنا داخل قلوبنا ونشق طريق الهجرة بعيداً عن عالمنا الذي كنا نرسمه بالوطن، حيث صارت الأحوال تقذف بشبابنا نحو الاغتراب البعيد وكأن قدرهم أن يصبحوا مجرد ذكرى أليمة على جدار الوطن.
أن يقرر الإنسان الهرب والتعلق بفرص النجاة، هذا دليل على أن الأوضاع ما عادت تطاق وجبال الصبر التي كانت تمده بقوة التحمل لم تعد تغريه، واللهث وراء السراب أحياناً أجدى من الأوهام المحصور في فلكها، بل إن الدرب المليء بالآلام والمتاعب لا يسعفها سوى المحاولة الأخيرة التي تذهب به الدنيا إلى رحلة المجهول.
كيف لنا أن نعاتب أحداً أكمل سنين دراسته وتفوق على أقرانه بالعلم، ولم ينل التشجيع ولا حق الوظيفة، وكيف لنا أن نحارب الهروب الكبير والقفز نحو المجهول ولا نملك الإرادة في وقف الحرب، وهل لنا أن نقلق على شبابنا وهم يهيمون في الفيافي والقفار وحقيقة الواقع تجرهم للرحيل؟
لا نأسف على شيء طالما بقية أعمارنا تعيش مع الأحزان كل يوم وأصوات المدافع تنهش في أجساد اليمنيين.
إذ لا أسوأ من الحروب، إلا الحروب ذاتها.
* بكالوريوس الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، مهتم بالكتابة، اليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق