اللاذقية: حسام الساحلي
يراقب السوريون بكثير من الحذر أخباراً غزت صفحات التواصل الاجتماعي حول توقعات حدوث زلازل أخرى في الفترة القريبة المقبلة بناء على تعليقات متتابعة من الفلكي الهولندي "هوغربيتس" لإثبات العلاقة العلمية بين اصطفاف الكواكب خلف أو قرب بعضها وحدوث الزلازل في مكان محدد بل ويوم وقوة محددتين.
الجيولوجي العراقي صالح محمد عوض، الحاصل على درجة الدكتوراه في الجيوكيمياء والجيولوجيا الاقتصادية من جامعة وارسو في بولندا، كتب في مجلة “الحفاظ على السواحل” ورقة بحثية بعنوان: "اصطفاف كواكب النظام الشمسي يحفز حدوث أمواج المد والجزر والزلازل”، ذكر فيها أن المدّ والجزر والزلازل تتأثر بمواقع كواكب النظام الشمسي، موضحاً أن التجاذب الكوكبي يحفّز تغيير سرعة دوران الأرض، ما يسهم في إزاحة الصفيحات الأرضية، وبالتالي حدوث الزلازل.
![]() |
د. رياض قره فلاح |
هذا الطرح أثار تساؤلات علمية حول الموضوع لدى الأستاذ الجامعي في قسم الجغرافيا بجامعة تشرين، الدكتور رياض قره فلاح، الحائز على دكتوراه في تغيرات المناخ من معهد الهندسة البيئية بكلية الزراعة وعلوم البيئة من جامعة روستوك ألمانيا.. وقد طرح الكثير منها على صفحات التواصل الاجتماعي للحصول على مزيد من الحقائق التي تثبت أو تنفي العلاقة العلمية بين اصطفاف الكواكب خلف أو قرب بعضها وحدوث الزلازل وماذا لو أن التوقعات بحدوث الزلازل وفقاً لهذه العلاقة كانت صحيحة وأتت في مواعيدها المذكورة؟ هل سيتسبب هذا في إحداث ثورة علمية وتصبح مواعيد حدوث الزلازل معروفة؟
هذه التساؤلات رتبها الدكتور رياض قره فلاح على منصة “باث أرابيا” على شكل محاور للإحاطة بجوانب “العلاقة العلمية بين اصطفاف الكواكب خلف أو قرب بعضها وحدوث الزلازل”، وهي مجرد تساؤلات تحفز عقول المتابعين للتفكير المنطقي وتنتظر إجابات لابد أن يكشفها العلم والتجربة في وقت ما.
المحور الأول
كما هو معروف تختلف سرعة دوران الكواكب حول الشمس، وتكون الكواكب أكثر سرعة كلما اقتربت من الشمس، فبينما تبلغ سرعة حركة كوكب عطارد 47.87 كم/ثانية خلال 88 يوما، تبلغ سرعة الارض 29.78 كم/ثانية في 365.25 يوما، وزحل 9.69 كم/ثا، ويدور حول الشمش في 29 سنة، وسرعة حركة المشتري حول الشمس 13.07 كم/ثا، ويدور حولها في 12 عاما... وهكذا. وهنا يحق لي التساؤل:ما هي المعادلات المعقدة التي استخدمها الباحثان -إن وجدت- حتى حسبوا بدقة زمن اصطفاف جميع كواكب المجموعة الشمسية أو بعضها وراء بعضها، أو على الأقل قرب بعضها، لتحدث قوة جذب تسبب الزلزال، وأعتقد أن هذا الحساب يحتاج لنمذجة رياضية ليست سهلة، ولا أعتقد أن جهاتنا الفلكية في الجامعات أو الجمعيات الفلكية قد ارتقى عملها لمثل هذه المحاكاة بالعلاقة مع الزلازل، لأن الموضوع يتطلب فريق عمل مؤلف من جيولوجيين وفيزيائيين وفلكيين، وخبرات كبيرة تجتمع لتحديد التزامن والاصطفاف الكوكبي، ونقطة التقاء المستقيم الناتج على الفوالق والصدوع. لذا أستغرب كيف تمكن هذا الفرد من إجراء هذه الحسابات بل وتحديد الدقة في لحظة التلاقي بين الكواكب بل والنقطة التي ستلاقي الأرض وتحدث زلزالاً معروف المكان والزمن والشدة.
المحور الثاني
اصطفاف الكواكب خلف بعضها يحدث في فترات زمنية متباعدة جدا وبعضها يصل لمئات السنين وحتى لو قصرت المدة إن تقاربت من بعضها فهي لن تكون بنفس درجة تقارب حدوث الهزات الأرضي خصوصا إذا ما علمنا أنه يحدث يوميا ما يزيد عن 250 – 300 هزة وسطيا، واحدة منها على الأقل أكبر من 5 درجات.السؤال هنا: كيف تمت المزامنة بين حدوث الهزات والاصطفاف طالما أن الموضوع غير متناغم أصلا؟!
المحور الثالث
هناك العديد من القوى الطبيعية التي تحكم الكون كالقوى النووية والكهرطيسية والجاذبية وهي أضعف هذه القوى رغم أهميتها الهائلة، حيث يسهم تأثير الجاذبية لكل من الشمس والقمر في حدوث عمليات المد والجزر في المحيطات وبنسبة أقل في البحار، ولكن من غير المؤكد أن الصفائح التكتونية تتأثر وتتحرك بسبب الجاذبية لصلابتها وقوتها خصوصا أن الماء يتحرك بالكاد بسبب هذه القوة. وافتراض أن اصطفاف الكواكب سيؤدي إلى تباطؤ حركة الصفائح – البطيئة أصلا- وبالتالي إيقافها - فكرة يصعب اثباتها، والقول إن تباطؤ الصفائح بسبب اصطفاف الكواكب غير من سرعة دوران الأرض حول نفسها أمر غير معقول وإلا لكانت الأرض قد وصلت اليوم لدرجة كبيرة من التباطؤ بسبب العدد الكبير من حالات الاصطفاف ولكان اليوم أطول من 24 ساعة منذ زمن طويل.المحور الرابع
ولنفترض جدلاً أنه كان يحدث تباطؤ في حركة الأرض وسرعة دورانها مع كل زلزال كبير وهي كثيرة كما نعرف، فهل سيمر هذا الحدث مرور الكرام، ألم يتم رصده سابقا؟ ألن تتغير الحياة على الأرض؟ ألن يتغير المناخ بسبب تغيرات ما تكتسبه الأرض من الطاقة الشمسية إن طال اليوم؟ وبالنتيجة ألن تتغير نطاقاتها النباتية والحيوانية والزراعية والكثير من خصائص الطبيعة؟وفي النهاية سنبقى في ترقب ما يكتبونه فإن حدثت الزلازل في مواعيدها - وأتمنى شخصيا ألا تحدث حيث يسكن البشر أو يؤثر عليهم- فستكون ثورة علمية يستحق صاحبها جائزة نوبل وبراءة اختراع ستنقذ البشرية طوال العمر.
والله وانا اتوقع و أتمنى وان شاء الله ان يكون الكلام خاطئ..
ردحذفطبعاأقصد كلام العلاقة بين الاصطفاف والزلازل
ردحذف