مزارع دجاج تنقل الأمراض بين بيوت غزة والأهالي ساخطون - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


3/11/2023

مزارع دجاج تنقل الأمراض بين بيوت غزة والأهالي ساخطون

مشاهدة
مزرعة دواجن فوق أحد المنازل

غزة : طارق حمدية

انتشر في قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة العديد من المشاريع الصغيرة، لتجاوز البطالة والحد من تفشيها، وإيجاد مصدر رزق لعدد من العائلات التي فقدته جراء الأوضاع القاسية والصعبة التي يمرون بها، فاتجه البعض لمشاريع الزراعة، وذهب آخرون لفتح بعض المحال التجارة الصغيرة أو البسطات والأكشاك، فيما لجأ عدد من المواطنين لإنشاء مزارع صغيرة لتربيه الدواجن والمواشي في منازلهم أو فوق أسطحها، غير مدركين خطورة ذلك أو النتائج المترتبة عليه، كون هذا المشروع سيكون حلم حياتهم في إيجاد مصدر دخل ينقذهم من وحل الفقر والبطالة مع اشتداد الأزمات الحياتية.

تشتكي المسنة حياة محمد (61 عاماً) من مزرعة بجانب بيتهم وتقول لـ"باث أرابيا": "كانت بلكونة منزلي هي الملاذ لتغيير المزاج واستنشاق الهواء، نجلس بها معظم أوقاتنا، حتى قام أحد الجيران قبل ما يزيد عن عام بتحويل جزء من بيته لتربية الدواجن والأرانب، وباتت شرفتنا مغلقة، لا نستطيع الجلوس فيها مطلقاً، بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة من أماكن تربية الأرانب والدواجن".

وتسكن حياة في منطقة شعبية بداخل حي الشجاعية شرق مدينة غزة، متذمرة من الوضع الذي لم تستطع التعايش والتأقلم منذ قرر جارهم تربية الدواجن والأرانب في منزله، الأمر الذي يسبب رائحة فضلات كريهة من هذه الكائنات في المنطقة، حتى باتت نسمات الهواء مغمسة بالرائحة الكريهة على مدار الساعة حسب وصفها.

وتوضح حياة محمد أن شرفة منزلها تطل مباشرةً على منزل الجيران، الأمر الذي يزيد من معاناتها وأسرتها، موضحة أن أحد أفراد عائلتها يعاني من مشكله في التنفس، وهو بحاجة لاستنشاق هواء نقي باستمرار، ووجود مثل هذه المزارع بجانب بيتها أثّر سلباً على صحته، إضافة إلى انتشار الذباب والحشرات بشكل كبير في المنطقة.

ويبدي عدد كبير من جيران هذه المشاريع سخطاً وغضباً لوجودها في أحيائهم السكينة وبالقرب من منازلهم، بكل ما تحمله معها من مخاطر ومكاره صحية، خاصةً على الأطفال والمسنين وأصحاب الأمراض، والتي تؤدي إلى الإصابة بأمراض تنفسية وجلدية في الغالب، ما دفعهم للمطالبة مرات عديدة لنقلها خارج المناطق السكنية إلى مناطق غير مأهولة كالأراضي الزراعية، لكن هذه المطالب لم تلق آذاناً صاغية.
كشك في أحد الأراضي
                     
يشرح المواطن أسامة أحمد معاناته مع جاره الذي قام ببناء أكشاك لتربية الحمام على سطح منزله ويقول: "برغم أن النبي الكريم أوصانا بحسن معاملة الجيران، لكن بعض جيراننا يتصرفون بلا ضمير، ولا يهتمون بمصالح جيرانهم، ولا يلقون بالاً للحياة التي أصبحنا نعيشها بفعلهم" مضيفاً أن هذه الأكشاك والمشاريع تجلب الكثير من المخاطر والأضرار مثل الحشرات والروائح الكريهة، وهو ما ينغّص عليه حياته وأسرته والجيران.

ويضيف أسامة: "توجهت إلى جاري مع عدد من الجيران، واعترضنا على ما قام به من تربيته الحمام على سطح منزله، لكنه أخبرنا أن هذا مشروع عمله وهو مصدر رزقه الوحيد الذي يعيش منه، وإغلاقه وتركه سيدفع به إلى الفقر وربما إلى السجن".

ويستميت أصحاب الأكشاك والمزارع الصغيرة في الدفاع عن حقهم بإنشاء مشاريع خاصة بهم، توفّر لهم دخلاً يمكنهم من إعالة أسرهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

"باث أرابيا" قابلت يوسف محمد وهو أحد أصحاب تلك المشاريع، ضاق به الحال ولم يجد فرصة عمل في القطاع، فبات عمل مزرعة دجاج صغيرة هو الخيار الوحيد أمامه، فعمل على تجهيز مكان صغير في أرض زراعية تملكها عائلته بجانب بيتهم، ومن ثم قام بتربية الدجاج وبيعها في الأسواق، ما يحقق له دخلاً ينقذه وعائلته من الفقر.

ويوضح يوسف أن مزرعته الصغيرة تعدّ مصدر الدخل الوحيد، في وقت انعدمت فيه فرص العمل ومصادر الدخل، مشيراً إلى أنه استقبل عدداً من شكاوى الجيران، بسبب وجود المزرعة في منطقة سكنية فكان جوابه أنه لا يملك أي خيار آخر أو بديل، مضيفاً: "من يريد أن يغلق مزرعتي ويوقف مصدر دخلي الوحيد فليتفضل وينفق على عائلتي، ودون ذلك لا أستطيع إغلاق المزرعة، لأنني سأصبح بعد إغلاق المزرعة متسولاً في الشوارع".
                                                                                   
د. سعود الشوا خلال حديثه عن مخاطر الأكشاك بين البيوت

                    
ويعد الطبيب البيطري د. سعود الشوا أن الدواجن والطيور هي وسيلةً لنشر ونقل مجموعة كبيرة من الأمراض المعدية، تُعرف بالأمراض المشتركة في النقل والتي من الممكن أن تنتقل من الطيور والدواجن إلى الإنسان من خلال البيئة المحيطة، مثل مرض السالمونيلا، والليستيريا، والإيكولاي، وهي من ضمن الأمراض البكتيرية والجراثيم الي تنتقل للإنسان من خلال اللمس، أو الهواء في مكان توجد فيه الدواجن والطيور.

ويضيف الشوا: "إلى جانب ما تسببه تلك الأكشاك من انتشار للحشرات والروائح الكريهة، فوجودها بين السكان يؤثر على صحة المواطنين خصوصاً السيدات الحوامل وفئة كبار السن والأطفال، خاصةً أن جهاز المناعة عند هذه الفئات يكون ضعيفاً، وأكثر عرضة للإصابة بالأمراض التنفسية واستقبال الفيروسات بسهولة".

ويبيّن الشوا أن الأمراض الجلدية والحساسية منُ أهم الأمراض التي تصيب المواطنين القاطنين في محيط المزارع وأماكن تربية الطيور والدواجن، إضافة إلى حالات مرضية أخرى يصابون بها مثل الالتهابات الجلدية الشديدة، واحمرار الجلد، وصعوبة التنفس.
د. سعود الشوا خلال متابعته للمزارع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق