مصطفى مطر: الشعر أوكسجين الحياة وتجربة أمير الشعراء رسالة - باث أرابيا patharabia

Last posts أحدث المواد


3/14/2023

مصطفى مطر: الشعر أوكسجين الحياة وتجربة أمير الشعراء رسالة

مشاهدة
مصطفى مطر

غزة: هدى بشير

في حوار خارج عن المألوف حدثنا الشاعر الفلسطيني مصطفى مطر عن الكثير من تجربته الإبداعية وأحلامه المستقبلية.. 
وهنا النص بضمير المتكلم:

أنا مصطفى مطر (40 عاماً) فلسطيني مقيم في تركيا شاعر وإعلامي معد ومقدم برامج لدى قناة الرافدين حالياً، رئيس مجلس الإدارة‎ للجمعية الدولية للشعراء العرب‎ في إسطنبول، حكايتي بدأت من صداقة متينة توطدت بيني وبين الشعر على مدار سنوات من الاهتمام بمجال الشعر والأدب الذي شكّل شخصيتي وساعدني في بناء مستقبلي.

لقد نشأت في حي الشجاعية بوابة غزة الشرقية وخاصرة من فلسطين الكبرى، ولعائلتي الكريمة امتداد شاسع في جنوب غزة، حيث خانيونس الكرامة والوفاء، ربما أهلي بسطاء يضنون لتوفير رغيف الخبز، لكنهم يوزعون من عزتهم على الكوكب بأكمله ويفيض.

الحياة تقوم على الطموح والإنسان الذي يعيش من أجل طموح ينبغي عليه أن يفكر بطموحات متعددة لأنه إذا حقق أحدها أو لخص طموحه بشيء واحد فما جدوى الحياة بعد ذلك؟ فكرة الشعر ما هي إلا خطوة لمواجهة الحياة بصورة حضارية.

الشعر ما هو إلا انتقامنا الإنساني الحضاري من واقع الحياة الصعبة الذي نعيش فيه في مختلف أماكن وجودنا كفلسطينيين، وفكرة الطموح متلازمة وتكبر شيئاً فشيئاً ما، الواحد منا الذي يتطلع إلى تحقيق ذاته باختصار ما نحن إلا مجموعة من الأحلام، إن أنجزنا شيئاً من حلم فهذا لا يعني التكلس أو التجمد أو التوقف إنما محاولة الجد والبحث الأبواب حتى نواصل، وفي الكلمة أكسجين لنا ورسالة لمن حولنا، وفيها كذلك إثبات أننا شعب يستحق الحياة.

الجميل بفكرة الشعر أنه مثل الشهيق يأخذه الواحد منا ويحتفظ به في داخله، فإذا زفره فإنما يحاول أن يقدمه للناس بطريقة جديدة لا بطريقة العوالم المختنقة، وإنما يقدمه للناس كأنفاس جديدة تفتح لهم أبواب الحياة وتبشرهم بأن الأمل مازال موجوداً.

فكرة أن الشاعر منا يبحث عن نفسه هذا حق طبيعي.. صاحب مشروع ورسالة وقضية، هذا واجب على الشاعر الفلسطيني فهو ليس شاعراً مترفاً بقدر ما هو شاعر ينزف قضية وألماً، وعليه أن يطرق مختلف الأبواب حتى يحاول قدر المستطاع إيصال صوته ورسالته، هذه الرسالة التي قد يفلح بعض الشعراء بإيصالها من خلال منابر كثيرة، ولعل منبر برنامج أمير الشعراء أحد هذه المنابر الكبيرة التي أتاحت لي فرصة وللكثير من قبلي أن يقدموا القصيدة الفلسطينية كما يجب.

مصطفى مطر

أي نعم.. هناك طموح يرجوه الشاعر على المستوى الذاتي والإنجاز الشخصي، ولكن أن تصل الرسالة والكلمة وأن يحلق اسم فلسطين عالياً من على منبر أمير الشعراء ومن على أي منبر فهذا بحد ذاته انتصار للفكرة وانتصار للحق والقضية، وإثبات أن كلمة الشعر بإمكانها أن تصنع التغيير، هذا واجب على كل شاعر فلسطيني أن لا يكون صاحب ترف والقضية أن تكون أمام نصب عينيه وحاضرة في كل المحافل التي يمكن أن نشارك فيها. 

لم أتطلع من خلال منبر أمير الشعراء إلا إلى رسالة شعب وحق وقضية يجب أن ننادي بعدالتها.. هذه هي الرسالة التي أظن أنها رسالة سامية سبقني فيها بحملها الكثير، وأنا على الدرب أسير.. أما فكرة أنها مسابقة أو جائزة هو أمر ثانوي وليس الهدف الأساسي، الأهم من فكرة الظهور والشهرة هو أن تكون صاحب قضية من خلال تقديم النص الشعري.

لا أعد نفسي أنني حاولت في أمير الشعراء، فأنا نجحت في المرحلة الأولى وكذلك اجتزت مرحلة الارتجال وتجاوزت المرحلة الثالثة بطاقم لجنة التحكيم وحصلت على درجات، لكن في المرحلة الرابعة التي كانت ستؤهلني إلى النهائي، للأسف مع التصويت لم أكمل ولكن المهم أن يبقى صدى القصيدة التي قدمتها والعبارة والقضية حاضراً بقوة، وأنا هنا أقول إن الإمارات كانت داعمة لي ولم أتلق أي رفض عن القصيدة الفلسطينية التي قلتها وعن حب فلسطين قدمت نفسي ونصي ورسالتي وفكرة وقضية ومشروع وطن.. هذا هو الأهم والأبقى بالنسبة لي، أما بالنسبة لفكرة للفوز فالفوز الحقيقي أن يستمر الشعر أن لا يتجمد في موقعه أن يواصل حراكه ولنكن صادقين لو أردنا.

محمود درويش وجد من يؤمن به وبموهبته وثقافته.. لولا هذا لما وصل صدى درويش أبعد من الشارع الذي يسكن فيه في فلسطين.. وجد دعماً وإيماناً بموهبته واحتضانه من قبل الهيئة الثقافية الفلسطينية.. ودور الثقافة التي تعزز وجدان الشعوب والحرية والتحرر والأوطان لا يمكن استعادتها لولا وجود المثقف جنباً إلى جنب السياسي والمقاوم.. كل يؤدي دوره، ولكن قديماً كانوا يعطون المثقف قدره.. واليوم للأسف لا نجد من يهتم بالمثقفين والأدباء والشعراء ويتبنى طموحات وأحلام الشباب الواعدة.

هناك غياب لوزارة الثقافة والإعلام عن طموحات وأحلام ومواهب الشباب في فلسطين.. لم يقدموا أي دعم للمثقف والأديب والشاعر الفلسطيني، ولا يوجد مسابقات أو برامج تحتضن أعمالنا.. بالمقابل دولة الإمارات ستطبع لي ديواني الشعري الجديد، وتبث البرنامج على قناتين.. وبالمقابل لم أجد أي قناة في فلسطين تتحدث عن التجربة.

خرجت من غزة في العام 2015 متجهاً إلى تركيا.. أنا أعمل مذيعاً في قناة الرافدين وفي أكثر من جهة سابقاً، كنت أتعرض للمضايقات والانتقادات إلا أنني كنت أواجهها بفكرة أن الشعر للشعر والشعر لكل فلسطيني وكل إنسان، ولا أقبل فكرة أن يكون الشعر ملوناً بلون حزبي..

لدينا في اسطنبول مشروع كبير اسمه الجمعية الدولية للشعراء العرب، وهو مشروع شبابي يقوم عليه شباب فلسطينيون وسوريين مستقلون لا يدعمهم أحد، إنما من خلال علاقاتهم ومساهماتهم.. في اسطنبول قدمنا أربعة مهرجانات دولية شارك بها ما لا يقل عن 200 شاعر وشاعرة من مختلف دول العالم العربي والإسلامي من المحيط إلى الخليج.

من فترة تشكل بداخلي حلم وأمل.. والله قد يتجاوز ألف لقب بألف مسابقة.. وهو أن أطلق مشروعاً كبيراً، وأتطلع إلى تحقيقه في شهر اغسطس أو سبتمبر.. ألا وهو مهرجان أيام غزة الثقافي الأول، سأسعى جاهداً إلى إقامته من خلال علاقات وصداقات ونأمل أن نلقى من يدعمنا من قبل وزارة الثقافة في فلسطين، ونقدم مختلف الشعراء.. فكرة تبحث عمن يتبناها ويحقق طموحها، وهذا المهرجان سيكون وفاء مني لأبناء جيلي، لأن أبناء غزة معزولون عن العالم.

الشعر لن يكون له دور إن لم يكن هناك مشاريع تدعم الشعراء، والشعر من خلال إقامة أمسيات شعرية واحتفال وبرامج للشعر وإقبال الجمهور والاهتمام بها.. فالعمل الثقافي ليس حكراً على المثقف والنخب.. علينا أن نصل للجميع فالمسؤولية جماعية والعمل الجماعي المهم الايمان بالمواهب.

العمل الثقافي يبدأ من القمة، ومن ثم ينزل إلى القاعدة وليس العكس، من خلال احتضان المشاريع والمواهب الفلسطينية عبر مؤسسات تعزز هذا الوعي، وتصنع هذا من خلال تقديم ودعم المبدعين.

الدواوين التي صدرت لي: ديوان صراخ المرايا، ظمأ لا ينتهي، رحلة إنقاذ العالم، وشوشة الريح، وأعمال أخرى من التنمية الأدبية: اعرف طريقك، وزن إضافي، وقريباً لي كتاب عن 100 تجربة لكبار الإعلاميين في الوطن العربي.. عبارة عن حوارات عن تجارب الإعلامي في حياتهم العملية، مؤمناً بأن الإعلام هو الصوت الذي يخدم كل الإبداعات.

مصطفى مطر

أنا أكتب الشعر بغض النظر عن القالب.. أنا أتجاوز فكرة الشكل وإن كنت أنتمي لشكل البحور وشعر التفعيلة.. أنا أحترم كل الإبداع المكتوب، وأحترم كل قصيدة تزيد الحياة اتساعاً، نكتب قصيدة تفتح شرفات الأمل التي تعزز حق كل إنسان وتنتصر للإنسان والانسانية التي تزيد الحياة أكسجيناً وهواء.. أن نقدم نصاً شعرياً ينتمي إلى الانسان ووجعه وقضيته.. ينتصر للجمال والحب ولقيم الأخلاق وللسلام والواقع.

أنا أدعم نفسي بنفسي وأؤمن بأن الحياة تعطيني فرصة لنقدم الشعر، وإن توقفت عن الكتابة لفلسطين والقضية.. فأنا انتهيت شعراً.. القضية هي روح الشعر والقصائد وهي بمثابة المصباح الدائم وحب الوطن هي زيت المصباح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق